سياسة

الدروز.. مسلمون يستجلبون عطف الصهاينة بإراقة دماء الغزيين

تتجلى مفارقات الحرب الإسرائيلية على غزة في موقف الحريديم والدروز من هذه الحملة العسكرية التي صنفتها منظمات دولية على أنها إبادة جماعية، فالطائفة الأولى، وهي يهودية متشددة، ترفض بكل ما أوتيت من قوة الانضمام لقوات الاحتلال، بينما الثانية، وهي مسلمة، تتسابق من أجل بذل مواردها البشرية والمادية لتحقيق أهداف إدارة نتنياهو.

وبينما يجتمع العالم الإسلامي بشكل شبه كامل على ضرورة وقف الحرب في غزة يتخذ الدروز موقفًا مغايرًا تمامًا، فما السبب؟

نظرة على المجتمع الدرزي في إسرائيل

يبلغ تعداد الطائفة الدرزية العالمية حوالي مليون شخص، وهي منتشرة إلى حد كبير في جميع أنحاء إسرائيل ولبنان وسوريا.

يعيش نحو 130 ألف درزي إسرائيلي في الكرمل والجليل في شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويقيم 20 ألف آخرين في مرتفعات الجولان، وهي الأراضي التي استولت عليها إسرائيل من سوريا في حرب عام 1967.

ويعتبر معظم الدروز أنفسهم سوريين، ورفض هؤلاء عروض الجنسية الإسرائيلية.

قبل السابع من أكتوبر، كانت إسرائيل تخشى فقدان “حلف الدم” مع الدروز، وهو المصطلح الذي يعبر عن سبب تجند شباب الطائفة في جيش الاحتلال، إذا يرون أنهم ملتزمون بالدفاع المشترك عن الكيان، طمعًا في الحصول على حقوق متساوية مع اليهود، ولكن مع التمييز والعنصرية، كان هذا التماسك قريبًا من الاختلال.

ومن الجدير بالذكر أن هذه الطائفة الدينية نشأت في مصر في القرن الحادي عشر، وهي لا تسمح بأي معتنقين جدد.

ويتم تجنيد الرجال الدروز الذين تزيد أعمارهم عن 18 عامًا في الجيش الإسرائيلي منذ عام 1957.

تضحيات لا نظير لها

تشير تقديرات الصحف الإسرائيلية أن الوزن النسبي لقتلى الدروز في الحرب على غزة يفوق كل مكونات مجتمع الاحتلال الأخرى.

لم يقف الأمر عند الجهود المسلحة، فمنذ بدء الحرب احتشد المدنيون في القرى الدرزية عبر الجليل وسلسلة جبال الكرمل من أجل تقديم الدعم للجيش، مع عشرات المبادرات لدعم عائلات الرهائن، والعائلات التي تم إجلاؤها من البلدات الحدودية لغزة والحدود الشمالية.

وبالإضافة إلى ذلك، انضم رؤساء البلديات والمجالس الدرزية، والمؤسسات العامة، والمطاعم، والعائلات الدرزية، والمدارس الابتدائية والثانوية، إلى الجهد التطوعي غير المسبوق.

في اليوم التالي لبدء الحرب، أنشأ المركز الدرزي الإسرائيلي في عسفيا، على جبل الكرمل بجوار دالية الكرمل، مقر المساعدة الدرزية، مستخدمًا مهارات اللغة العربية للمتطوعين الدروز لمساعدة المخابرات الإسرائيلية.

ويقوم المتطوعون بفحص مقاطع الفيديو التي نشرتها الفصائل الفلسطينية ولقطات محطات التلفزيون العربية، في محاولة للتعرف على المسلحين وتحديد مكان الرهائن.

كما يوفر المقر، حافلات مجهزة للجنود وأماكن إقامة للأشخاص الذين تم إجلاؤهم، كما قاد إنشاء وحدات الاستجابة السريعة في القرى الدرزية القريبة من الشمال؛ لإرسال الملابس والأطعمة والمشروبات وحتى المعدات العسكرية إلى الجنود على الجبهة.

من جنازة درزي في جيش الاحتلال

الكيان يلفظ الدروز رغم التضحيات

وفي حين أن العديد من العناوين الرئيسية في إسرائيل تشيد بالبطولة والولاء من الدروز، فإن هذا لم يغير الكثير.

كانت هناك حالة من السخط منذ عام 2018، عندما تجمع عشرات الآلاف من المتظاهرين في تل أبيب للاحتجاج على قانون “الدولة القومية” الإسرائيلي.

يقول المنتقدون إن القانون يركز على تكريس إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي وتفشل في ذكر المساواة أو حقوق الأقليات.

وإلى جانب ذلك، أغضبت الإدارة الإسرائيلية الدروز بسبب قوانين التخطيط المتعلقة بالبناء على الأراضي الزراعية، والتي تتسح هدم ممتلكات الدروز في كثير من الحالات.

قال الدرزي أنور صعب، وهو عميد سابق في الجيش الإسرائيلي ومنظم احتجاجات 2018، إنه رغم وضع التوترات جانبًا بسبب الحرب إلا أنها لم تختف.

وأضاف لشبكة “CNN”: “قانون الدولة القومية لم يؤثر على هويتنا، بل أثر على شعورنا بالانتماء”.

وفي حين أن اندلاع الحرب والتضحيات الدرزية دفعت البعض داخل الحكومة إلى المطالبة بتعديل القانون، لكن “صعب” يقول إن رد الفعل هذا ليس هو الحل، ولكن ويجب أيضًا إصلاح مجالات أخرى، بما في ذلك قوانين التخطيط والتعليم والحكم المحلي.

المصادر:

موقع CNN

موقع The Jerusalem Post