سياسة

“الجبهة الجمهورية”.. كابوس اليمين المتطرف في فرنسا

ليست المرة الأولى التي يحاول فيها الناخبون الفرنسيون والسياسيون المناهضون لليمين المتطرف منع تقدم هذا التيار بين جولات التصويت

بالرغم من شعور زعيمة اليمين المتطرف الفرنسية مارين لوبان بأنها باتت قريبة من السلطة بعد الفوز الذي حققه حزبها “التجمع الوطني” في الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الأسبوع الماضي، إلا أن الجولة الثانية لم تسفر عن النتيجة المأمولة.

فقد تمكن حزبها من الحصول على عدد مقاعد في الجمعية الوطنية أكبر من أي وقت مضى، لكن هذا الانتصار جاء مخيبا للآمال حين اصطدم بحائط من الناخبين الذين لا يرون في التجمع الوطني الحزب المناسب لحكم فرنسا، ولا يعتقدون أنه تخلص من تاريخه المرتبط بالعنصرية ومعاداة السامية وفترة التعاون مع النازية خلال الحرب العالمية الثانية.

الماضي يتكرر

ليست المرة الأولى التي يحاول فيها الناخبون الفرنسيون والسياسيون المناهضون لليمين المتطرف منع تقدم هذا التيار بين جولات التصويت، فقد واجه والد لوبان، جان ماري لوبان، موقفًا مشابهًا في الانتخابات الرئاسية عام 2002، حيث وجهت إليه اتهامات عدة بخطاب الكراهية ومعاداة السامية، خصوصًا بعد وصفه المتكرر لغرف الغاز في الهولوكوست بأنها “تفصيل” من تاريخ الحرب العالمية الثانية.

أذهل تقدم جان لوبان فرنسا وشركاءها في أوروبا والعالم بحصوله على 16.86 % من الأصوات ليخوض جولة ثانية حاسمة ضد جاك شيراك، لكن في تلك الجولة، جاء الرد من الناخبين الفرنسيين المذعورين بقولهم لا، رافضين لوبان بأغلبية ساحقة.

نجحت “الجبهة الجمهورية”، منذ ذلك الوقت، في تحقيق أهدافها مرارًا وتكرارًا، فقد ساهمت هذه الجبهة في هزيمة مارين لوبان في الانتخابات الرئاسية لعامي 2017 و2022، حيث خسرت أمام إيمانويل ماكرون في المرتين، كما منعت حزبها من تحقيق الانتصار المنشود في جولات الإعادة التشريعية هذا الأسبوع.

بالرغم من أن إجمالي انتصارات التجمع الوطني في الجولتين الأولى والثانية بلغ 143 انتصارًا، إلا أن الحزب لا يزال يتمتع بحضور غير مسبوق في الجمعية الوطنية التي تضم 577 مقعدًا

نجاح استراتيجية “الجبهة الجمهورية”

نجحت استراتيجية “الجبهة الجمهورية” بفعالية مدهشة في التصويت الحاسم يوم الأحد الماضي والأسبوع الذي سبقه، فقد انسحب ائتلاف من الأحزاب اليسارية، من دعم عشرات المرشحين الذين تأهلوا للجولة الثانية لكنهم لم يكن لهم حظوظ كبيرة في الفوز، حيث ساعدت هذه الاستراتيجية في تركيز الأصوات على المرشحين المتبقين في جولات الإعادة ضد خصوم من أقصى اليمين، مما ساهم في هزيمة المئات منهم.

بالرغم من أن إجمالي انتصارات التجمع الوطني في الجولتين الأولى والثانية بلغ 143 انتصارًا، إلا أن الحزب لا يزال يتمتع بحضور غير مسبوق في الجمعية الوطنية التي تضم 577 مقعدًا.

حاول التجمع الوطني التخفيف من حدة خطابه، ودفع بالناشط البارز في وسائل التواصل الاجتماعي بارديلا إلى الواجهة

اليمين يفشل في طمئنة الناخبين

قال خبير استطلاعات الرأي برايس تينتورييه إن “الجبهة الجمهورية” كانت أكثر قوة مما كان متوقعًا، مشيرًا إلى أن جهود مارين لوبان لتطهير صورة حزبها لم تزيل الخوف والقلق الذي حشد الناس.

وأوضح المحلل الفرنسي فرانسوا هيسبورغ، المتخصص في قضايا الدفاع والأمن في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أن حزب لوبان “ينفر أكثر مما يجتذب”، مضيفًا: “كلما اقتربوا من الهدف، زاد تأثير هذا العامل المنفر”.

واتخذ التجمع الوطني عدة خطوات للقضاء على مخاوف الفرنسيين من وصولهم إلى السلطة، حيث حاول التخفيف من حدة خطابه، ودفع بالناشط البارز في وسائل التواصل الاجتماعي بارديلا إلى الواجهة.

كما أعلن التجمع سحب المرشحة لوديفين داودي التي تأهلت للجولة الثانية في نورماندي، بعدما ظهرت صورة لها وهي ترتدي قبعة ضابط نازي مع الصليب المعقوف على وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن تلك الخطوا لم تكن كافية لكسب ثقة الفرنسيين.

المصدر:

Yahoo News