سياسة

هل تنتهي الهجمات بين إٍسرائيل وحزب الله إلى حرب شاملة؟

تصاعدت الهجمات بين إسرائيل وحزب الله عبر الحدود بعد أشهر من القتال الهادئ، وهو ما دفع جيش الاحتلال للتلويح بهجوم أوسع على الحدود الشمالية للأراضي الفلسطينية المحتلة.

ووفق الخبراء فإن استمرار الهجمات لأكثر من 8 أشهر الآن، يُجبر إسرائيل على اتخاذ إجراءات لحماية الجبهة الشمالية للأراضي المحتلة.

ويرى المحللون أن الحرب الشاملة باتت خيارًا محتملًا، حتى إن لم يكن للطرفان نية لخوضها.

تاريخ العداء

لم تكن تلك التوترات وليدة الشهور الماضية، ولكنها تمتد إلى عقود من الزمن، حيث يعيش الطرفان حالة حرب رسمية.

وكانت إسرائيل غزت لبنان في عام 1982، واحتلت المنطقة الجنوبية من البلاد لمدة 22 عامًا حتى تصدى لها حزب الله وأخرجها من هناك.

ومنذ ذلك الوقت تصاعدت قوة حزب الله وهي جماعة لبنانية مدعومة من إيران وتمتلك واحدة من أقوى القوى شبه العسكرية في المنطقة.

وتحمل الجماعة على عاتقها مهمة مقاومة إسرائيل، والتي تُعتبر بمثابة عدو للبنان، فيما تصنف دول غربية عديدة حول العالم حزب الله كجماعة إرهابية.

وعلى مدار السنوات الماضية كانت هناك مناوشات وتبادلات لإطلاق النار بوتيرة غير منتظمة، ولكن تصاعدت الأحداث في عام 2006 بعد أن غزت إسرائيل جنوب لبنان مرة أخرى على خلفية اختطاف الجماعة لجنديين إسرائيليين.

وأسفر هذا الصراع عن أكثر من 1000 قتيل لبناني أغلبهم مدنيين، إلى جانب 49 مدنيًا إسرائيليًا و121 جنديًا.

ومنذ ذلك الوقت ارتفعت القدرات العسكرية لحزب الله، بعد اعتماده على صواريخ كاتيوشا غير الدقيقة التي تعود إلى الحقبة السوفيتية، بخلاف ارتفاع قوة المجموعة إلى 100 ألف مقاتل وجندي احتياطي، وفق زعيمها، حسن نصر الله.

ويُعتقد أيضًا أن الجماعة تمتلك 150 ألف صاروخ يمكن أن تطغى على دفاعات إسرائيل في حالة اندلاع حرب شاملة.

ومع نشوب العدوان الإسرائيلي المدمر على غزة في 7 أكتوبر الماضي والذي راح ضحيته أكثر من 37 ألف فلسطيني، دخل حزب الله على خط الحرب بهدف دعم الفلسطينيين وحركة حماس في غزة.

هل تنتهي الهجمات بين إٍسرائيل وحزب إلى حرب شاملة؟
ناقلات جنود مدرعة إسرائيلية تتمركز بالقرب من مسجد على مشارف العاصمة اللبنانية بيروت في 16 يونيو 1982.

لماذا تتصاعد التوترات؟

التوترات بين حزب الله وإسرائيل بدأت بالفعل منذ السابع من أكتوبر الماضي، ولكن حدتها تزداد ببطء، بحسب مدير مشروع العراق وسوريا ولبنان في مجموعة الأزمات الدولية، وهي مؤسسة بحثية مقرها بروكسل، هايكو ويمين.

وأشار ويمن إلى أن مظاهر التصعيد تظهر في عدد القتلى من الجانبين على الحدود وكذلك في حجم الأسلحة التي سنشرها حزب الله، وهو ما يجعلهما قريبين من حرب واسعة.

وقُتل جندي احتياطي إسرائيلي في غارة لحزب الله على قرية في شمال إسرائيل الأسبوع الماضي، مما يرفع العدد الإجمالي للجنود الذين قتلوا على الجانب الإسرائيلي إلى 19، بحسب سي إن إن.

وخلال هذا الأسبوع أسفرت غارة إسرائيلية عن مقتل أحد قادة حزب الله وهو طالب سامي عبد الله، في غارة على جنوب لبنان، ورد حزب الله على تلك الهجمة بأكثر من 200 صاروخ باتجاه الأراضي المحتلة من إسرائيل يوم الأربعاء الماضي.

وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إن القائد كان مسؤولاً عن هجمات متعددة ضد المدنيين الإسرائيليين على مدى عدة سنوات.

وبدلًا من استمرار الهجمات على جانبي الحدود فقط، توسعت الضربات لتصل إلى عمق أكبر داخل أراضي كل منهما، وصلت إلى 35 كيلومترًا في الداخل الإسرائيلي من قبل حزب الله، وأكثر من 120 كيلومترًا إلى الشمال في لبنان من جانب إسرائيل.

وأدت الهجمات عبر الحدود من لبنان في أوائل يونيو إلى اشتعال حرائق كبيرة في المنطقة الشمالية لإسرائيل، وهو ما نسبته إسرائيل إلى إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان، حيث قال حزب الله إنه أطلق “سربًا من الطائرات بدون طيار” على مواقع عسكرية إسرائيلية.

هل تنتهي الهجمات بين إٍسرائيل وحزب إلى حرب شاملة؟
يقول نتنياهو إن لبنان قد تتحول إلى غزة إذا انزلق حزب الله إلى حرب شاملة

رسائل جديدة

وتصف المحاضرة في جامعة كارديف والخبيرة في شؤون حزب الله، أمل سعد، تلك التصعيدات بأنها سياسة مختلفة عن تلك التي اتبعها الجانبان منذ 8 أكتوبر.

وقالت سعد في منشور عبر منصة X إن الأسلوب الجديد خرج من مجرد رد على الهجمات الإسرائيلية، وأصبح بمثابة نقل رسائل واستراتيجيات جديدة.

وقال ويمن، من مجموعة الأزمات الدولية، إن الصراع أصبح “واضحا للغاية” و”يصعب تجاهله”، مضيفا أن المسؤولين الإسرائيليين يشعرون بأنهم مجبرون على الرد، أو على الأقل أن يُنظر إليهم على أنهم يستجيبون، وسط ضغوط للرد من وزراء اليمين المتطرف. في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

كما ظهرت أسلحة جديدة في الصراع، كان منها دفعة صواريخ فلق 2 التي أطلقها حزب الله على أحد المواقع العسكرية الإسرائيلية في 6 يونيو الجاري، وهي المرة الأولى التي يتم فيها استخدام هذا السلاح من قبل حزب الله.

وفلق 2 هو صاروخ إيراني الصنع وله مدى أطول يحمل رأسًا حربيًا أكبر من صاروخ فلق 1.

على الجانب الآخر استخدمت إسرائيل منجنيقًا (عبارة عن ذراع طويلة مزودة بمقلاع ويستخدم لإرسال مقذوفات إلى المكان المستهدف) لم يُستخدم منذ القرن السادس عشر إلا في حالات نادرة.

واستهدفت إسرائيل الأراضي اللبنانية بهذا المنجنيق بغرض إحداث حرائق لسهولة اتعرف على المسلحين.

هل تنتهي الهجمات بين إٍسرائيل وحزب إلى حرب شاملة؟
رجل إطفاء إسرائيلي يقوم بإخماد النيران في حقل بعد سقوط صواريخ من جنوب لبنان على مشارف كريات شمونة.

هل تتوسع الحرب؟

وفق ما يراه الخبراء فإن الطرفان لا يُبديان أي نية أو حتى يريدان تعميق الحرب لصراع شامل.

ولكن في نفس الوقت حذر نتنياهو من أن لبنان قد تتحول إلى غزة إذا انزلق حزب الله إلى حرب شاملة.

وقال وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، أشار الأسبوع الماضي إلى أن دولة الاحتلال لا تسعى إلى توسيع نطاق الحرب بهدف القضاء على حزب الله.

وأكد نتنياهو الأسبوع الماضي خلال زيارة إلى مدينة كرياتشمونة في شمال الأراضي المحتلة، أن إسرائيل على استعدا لشن عملية مكثفة، وأنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام إيذائهم من أجل إعادة الأمن إلى المنطقة، بحسب قوله.

من جانبه قال الرجل الثاني في حزب الله، نعيم قاسم، في تصريحات لقناة الجزيرة إن التهديدات الأخيرة من إسرائيل ليست بخطيرة، وأنهم لا يسعون إلى توسيع المعركة إلى حرب شاملة.

ولكنه عاد وأكد: “إذا فرض علينا فنحن جاهزون ولن نتراجع”، مضيفًا أن حزب الله سينهي هجماته على إسرائيل بمجرد توقف الحرب في غزة.

وفي نفس الوقت يقو الخبراء إن قرار توسيع الصراع إلى حرب شاملة قد لا يكون خيارًا من أحد الجانبين، ولكنه قد يحدث دون قصد نتيجة الأفعال العدائية المستمرة.

المصدر: CNN