سياسة

بعد صعوده.. هكذا نجح اليمين المتطرف في استقطاب الشباب الأوروبي

استطاع اليمين المتطرف تحقيق تقدم كبير في انتخابات البرلمان الأوروبي التي أُجريت خلال الأيام الماضية، بدعم من أصوات الشباب في الدول الرئيسية مثل ألمانيا وفرنسا وبولندا وإسبانيا.

كان الشباب أيضًا والمعروفون بميلهم تجاه الأحزاب اليسارية، وراء نجاح الأحزاب البيئية في انتخابات عام 2019، وحصلوا على لقب “جيل جريتا” نسبة إلى الناشطة المناخية السويدية الشابة غريتا ثونبرج.

ولكن لماذا تحول اتجاه الشباب؟

تعد جائحة كورونا السبب الأبرز في تغير بوصلة الشباب، وباتوا يميلون بشكل أكبر إلى الأحزاب اليمينية المتطرفة، وذلك مدفوعًا أيضًا بأزمة أوكرانيا وغلاء المعيشة.

وساهم هذا التحول في دعم صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا في الانتخابات التي تمت على مدار 4 أيام من 6 إلى 9 يونيو.

ويقول المحللون إن تلك الأحزاب تروق بشكل خاص للشباب الذين يشعرون بالتخلف عن الركب والرقابة من قبل التيار السائد “المستيقظ” بشكل متزايد.

وبحسب ما نقلته رويترز عن أحد الشباب ويُدعى كريستوف الذي يبلغ من العمر 17 عامًا، فإن تصويته لصالح حزب البديل اليميني المتطرف في ألمانيا جاء بسبب شعوره أن بلاده لا تسير في الاتجاه الصحيح.

وقال كريستوف: “كان الحزب الوحيد الذي يمتلك رسالة واضحة بشأن مسألة الهجرة”.

وارتفع دعم حزب البديل لألمانيا، الذي يريد الحد من الهجرة ويحذر مما يصفه بأسلمة ألمانيا، بنحو 11 نقطة مئوية ليصل إلى 16% بين الشباب تحت سن 25 عاما، وفقا لاستطلاع للرأي أجرته مؤسسة إنفراتست ديماب، وهو ما يزيد على ضعف الزيادة البالغة 5 نقاط مئوية بين السكان على نطاق أوسع.

وأدت تلك السياسية بالحزب في النهاية للفوز بالمركز الثاني التاريخي على مستوى البلاد في الانتخابات، وهو ما عكس التوقعات الخاصة بقرار ألمانيا غير المسبوق بالسماح لمن هم بين 16 و18 عاما بالتصويت.

وذهبت التوقعات إلى أن هذا القرار سيدعم بشكل أكبر الأحزاب اليسارية التي تجذب هؤلاء الشباب.

وفي حين أن الأحزاب اليمينية المتطرفة لم تحقق أداءً جيدًا بشكل عام بين الشباب وهم فئة قليلة في قارة تعاني أصلًا من الشيخوخة السكانية، إلا أنه سيظل هاجسًا للأحزاب الرئيسية التي تنتظر انتخابات مبكرة في هذا الشهر في فرنسا والحكومة الفيدرالية، والعام المقبل في ألمانيا.

بعد صعوده.. هكذا نجح اليمين المتطرف في استقطاب الشباب الأوروبي
رد فعل الزعيمين المشاركين لحزب البديل من أجل ألمانيا، أليس فايدل وتينو شروبالا، على النتائج بعد إغلاق صناديق الاقتراع في انتخابات البرلمان الأوروبي، في برلين، ألمانيا.

مخاوف الشباب

كشف استطلاع حديث للرأي أن أكثر ما يثير القلق بين الشباب في ألمانيا هو التضخم وغلاء المساكن والانقسامات الاجتماعية، فيما استحوذت قضايا المناخ على القلق الأقل.

وكانت نتائج حزب الخضر أبرز مثال على ذلك، إذ حصل على 11% فقط من أصوات الشباب يوم الأحد، بانخفاض 23 نقطة مئوية.

ويقول المؤلف الرئيسي للدراسة، سيمون شنيتزر، إن الشباب يشعرون بخيبة أمل تجاه الأحزاب الحاكمة، لافتًا إلى أن الركود الاقتصادي يجعلهم يفضلون بشكل أكبر خطاب حزب البديل من أجل ألمانيا الذي يضع قضية الهجرة نصب عينيه.

وفي فرنسا، حصل حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف على 25% من الأصوات بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا، وفقًا لاستطلاعات الرأي مؤسسة إبسوس، بزيادة 10 نقاط مئوية مقارنة بمكاسب إجمالية تبلغ حوالي 8 نقاط إلى 31.4%.

وعلى الرغم من هذا الدعم من قبل الشباب للأحزاب اليمينية المتطرفة، إلا أن النسبة الأكبر منهم في أكبر دولتين في الاتحاد الأوروبي لا يزالون يميلون للأحزاب اليسارية، بل وأن البعض منهم يشعر بالقلق من توجهات الآخرين الجديدة.

وقالت أنصار أدانور، 17 عاما، وهي ألمانية من أصل تركي: “هذا يقلقني لأنني رأيت أن اليمين المتطرف يريد ترحيل الناس حتى لو كانوا يحملون الجنسية الألمانية مثلي. لكن ألمانيا هي موطني”.

ولكن في بولندا، ارتفع الدعم للاتحاد الكونفدرالي اليميني المتطرف بين الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاما من 18.5% إلى 30.1%، مما يجعلهم الاختيار الرائد لهذه الفئة الديموغرافية.

وبرر باول روركوفسكي، 30 عاماً، والذي أدلى بصوته لصالح الكونفدرالية، ذلك بأنه الأحزاب الرئيسية فقدت مصداقيتها، وهو ما يتضح في أداء الحكومات السابقة والحالية.

بعد صعوده.. هكذا نجح اليمين المتطرف في استقطاب الشباب الأوروبي
مارين لوبان رئيسة حزب التجمع الوطني الفرنسي اليميني المتطرف تخاطب أعضاء الحزب بعد الانتخابات

قنوات الاتصال الحديثة

ساهم إتقان تلك الأحزاب لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة مثل تيك توك ويوتيوب في الوصول لأكبر عدد من الشباب، ما أدى بهم في النهاية للتصويت لصالحهم في صناديق الاقتراع.

وأظهرت دراسة حديثة للشباب الألماني أن 57% من الشباب يحصلون على أخبارهم وسياساتهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، لكن المستشار الألماني أولاف شولتس، مثل العديد من السياسيين الرئيسيين، انضم إلى Tiktok قبل بضعة أشهر فقط.

ويؤكد شنيتزر أن عدم استخدام لأحزاب لتلك القنوات للتواصل مع الشباب، يعني أنها ببساطة غير موجودة بالنسبة لهم.

من ناحية أخرى، تميل خوارزميات تلك المنصات لتداول المحتوى الأكثر إثارة للجدل، ما يخقل تفاعلات أوسع بين الشباب، بحسب روديجر ماس، مؤسس معهد أبحاث الأجيال في أوغسبورغ.

المصدر: رويترز