ثقافة

تُفتح مرتين سنوياً.. كيف تطور نظام فتح باب الكعبة خلال ألف عام؟

الكعبة، البيت الذي يطوف حوله ملايين المسلمين من كافة أنحاء العالم سنوياً، في مشهد ديني مهيب، لا تفتح إلى مرتين في العام، الأولى: في أول شعبان لغسيلها، والثانية: في أول ذي الحجة لغسيلها وتعليق الكسوة الجديدة، كما تفتح بإذن من خادم الحرمين الشريفين لدخول ضيوف المملكة.

لكن ذلك لم يكن الأمر في السابق، إذ تطور نظام فتح الكعبة على مر السنوات، وهو ما نستعرضه في السطور التالية، لنسلط الضوء على تاريخ وتقاليد فتح باب الكعبة المشرفة، وكيفية دخول الكعبة والصلاة فيها من قبل الحجاج والزوار عبر العصور، حسب تقرير منشور على موقع الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي.

يوم للنساء

ويتحدث ناصر خسرو (442 هـ)عن شيخ الحجبة الذي يرافقه خمسة أو ستة أفراد، وعشرة حجاج يساعدونه في رفع السلم أمام باب الكعبة. يصعد الشيخ، يصلي ركعتين داخل الكعبة، ثم يفتح الباب على مصراعيه ويقف على العتبة ليسمح للحجاج بالدخول والصلاة، حسبما جاء في التقرير.

أما ابن جبير (578 هـ)، فيصف تخصيص يوم للنساء لدخول المسجد الحرام والطواف ودخول الكعبة. في هذا اليوم، يجتمع النساء في أدب، ويتم تفريغ المسجد من الرجال. النساء يصعدن إلى الكعبة ويصلين داخلها، ويعتبر هذا اليوم أكبر وأزهر أيامهن.

فيما يتحدث التجيبي السبتي (696 هـ) عن تخصيص وقت للنساء لدخول الكعبة، حيث يدخل الرجال أولاً ثم تليهم النساء لفترة أقل. يذكر أن هذا الروتين يحدث كل يوم جمعة.

وفي حين يشير حسين عبد الله باسلامه (976 هـ) إلى استمرار فتح الكعبة للنساء في يوم مخصص لهن، فإن العياشي (المتوفي سنة 1090 هـ) يذكر أن الكعبة تفتح سبع مرات في السنة لمناسبات معينة، منها يوم النحر ويوم عاشوراء والمولد النبوي، ويتم تخصيص يوم للنساء لدخول الكعبة في غير يوم النحر.

وقد استمر انفراد النساء في دخول الكعبة المشرفة في اليوم المخصص لهن مدة طويلة. فالمؤرخ التركي أيوب صبري في كتابه (مرآة الحرمين) يذكر أن نواب (حاكم) مدينة رامبور Rampor بالهند كلب عليخان أهدى سنة 1297هـ/ 1879م درجًا خصص لدخول النساء الكعبة المشرفة ولخروجهن منها، وأن هذا الدرج صفحت درجاته المصنوعة من الحديد بصفائح الفضة الخالصة، كما صفحت جوانبه الخارجية بصفائح الذهب، حسبما أفاد التقرير.

درج خاص

هذا ويذكر الشيخ محمد طاهر الكردي في كتابه (التاريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم) أن هذا الدرج الخاص بالنساء أهداه كلب عليخان سنة 1300هـ/ 1882م، وأن درجاته وعددها أربع عشرة درجة مصنوعة من الخشب ومصفحة بألواح الفضة الخالصة، وأن هذا الدرج كان مخصصًا لصعود النساء إلى الكعبة المشرفة يوم نويتهن، ثم ترك استعماله بتاتًا. وقد بلغت قيمة ألواح الفضة التي صفحت بها درجاته وقتذاك 85364 روبية هندية. ولم يستعمل هذا الدرج للغرض الذي أهدي من أجله إلا بعد استئذان الدولة العلية التركية.

أما صالح صبحي (1311 هـ/ 1893م)، فيوثق استخدام الدرج المخصص للنساء لدخول الكعبة والنزول منها في اليوم المخصص لهن.

التغيرات المعاصرة

وأما الآن فالكعبة لا تفتح إلا مرتين في العام، الأولى: في أول شعبان لغسيلها، والثانية: في أول ذي الحجة لغسيلها ولتعليق الكسوة الجديدة، كما تفتح بإذن من جلالة الملك لدخول ضيوف المملكة.

ولم تعد الكعبة تفتح الآن للدخول العام منعًا للضرر والأذى الذي يقع بسبب تزاحم الرجال والنساء على دخولها، والذي تقشعر منه الأبدان -كما جاء في وصف أحمد عبد الغفور عطار- وبخاصة بعد أن بلغ عدد الحجاج والمعتمرين في السنوات الأخيرة أعدادًا تتعدي المليونين الأمر الذي يستحيل فيه على سدنة الكعبة ورجال الأمن السيطرة على الموقف حفاظاً على قدسية الكعبة.

اقرأ أيضاً: