لأول مرة على الإطلاق، ربما اكتشف علماء الفلك باستخدام تلسكوب جيمس ويب الفضائي بعضًا من أقدم المجرات في الكون المعروف في خضم ولادتها.
في دراسة جديدة، نُشرت يوم الخميس في مجلة Science، أعلن الباحثون عن اكتشاف ما يبدو أنه 3 مجرات ناشئة تنبت من سحابة بدائية من غاز الهيدروجين والهيليوم بعد 400 إلى 600 مليون سنة فقط من الانفجار العظيم.
عصر إعادة التأين
وفقًا للمؤلفين، يمكن أن يفتح هذا الاكتشاف نافذة على الفترة الغامضة المعروفة باسم عصر إعادة التأين، وهو الوقت الذي بدأت فيه النجوم والمجرات الأولى في اختراق سحب الغاز الكثيفة المظلمة حولها، وبالتالي الكشف عن الكون الشفاف الذي نعيش فيه.
وقال كاسبر هاينتز، مؤلف الدراسة الرئيسي والأستاذ المساعد في الفيزياء الفلكية في مركز الفجر الكوني (DAWN) بجامعة كوبنهاجن، في بيان لوكالة ناسا: “تشبه هذه المجرات جزرًا متلألئة في بحر من الغاز المحايد وغير الشفاف. بدون ويب، لن نكون قادرين على مراقبة هذه المجرات المبكرة جدًا، ناهيك عن معرفة الكثير عن تكوينها.”
آلية الدراسة
في هذه الدراسة، استخدم الباحثون تلسكوب جيمس ويب الفضائي للنظر في 12 مجرة مبكرة معروفة يعود تاريخها إلى ما لا يزيد عن 600 مليون سنة بعد الانفجار الكبير. في ذلك الوقت، كان عمر كوننا الذي يبلغ الآن 13.8 مليار سنة حوالي 3% من عمره الحالي.
بحث الفريق على وجه التحديد عن المجرات التي تم امتصاص الإشعاع فيها من خلال السحب الكثيفة لغاز الهيدروجين المحايد كهربائيًا والتي كانت سائدة في الكون في ذلك الوقت. ويشير هذا الامتصاص إلى أن المجرات كانت تعمل بنشاط على نسج هذا الغاز لتكوين نجوم جديدة.
ومن خلال النظر إلى أطياف المجرات القديمة، أو الأطوال الموجية المختلفة للضوء المنبعثة منها، وجد الفريق دليلاً على أن الضوء الصادر من ثلاث منها تم امتصاصه بواسطة كميات كبيرة من غاز الهيدروجين المحايد.
وقال داراش واتسون، المؤلف المشارك في الدراسة: “يشير هذا إلى أننا نشهد تجميع غاز الهيدروجين المحايد في المجرات. سوف يستمر هذا الغاز في التبريد والتكتل وتشكيل نجوم جديدة.”
كان هذا التكوين المبكر للنجوم حاسما في إخراج الكون مما يسمى بالعصور المظلمة الكونية إلى عصر إعادة التأين. عندما ظهرت النجوم والمجرات من السحب الغازية الكثيفة للكون المبكر، أدى إشعاعها النجمي إلى تأين أو شحن الغاز المحيط بها، مما أدى إلى تحويل الفضاء ببطء من حساء سميك من الهيدروجين المعتم إلى الكون الواضح والشفاف الذي نراه الآن.
رصد مجرات قديمة
وقال هاينتز في بيان لجامعة كوبنهاجن إن تلسكوب جيمس ويب الفضائي رصد مجرات قديمة من هذه الحقبة من قبل، لكن هذه هي المرة الأولى التي يشهد فيها علماء الفلك “ولادتها، وبالتالي بناء أول أنظمة نجمية في الكون”.
إذا تم تأكيد هذه النتائج من خلال ملاحظات المتابعة مع تلسكوب جيمس ويب الفضائي، فقد تسمح لعلماء الفلك بالإجابة على أسئلة حاسمة حول طبيعة سحب الغاز التي كانت تحجب الكون ذات يوم، وكيف ظهرت المجرات الأولى لتنويرها.