أصدرت محكمة العدل الدولية – أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة – اليوم الجمعة، قرارًا تأمر فيه إسرائيل بوقف عمليتها العسكرية في رفح فورًا.
ويأتي القرار تلبية لطلب من جنوب أفريقيا قدمته الأسبوع الماضي، طالبت فيه بوقف الهجوم الإسرائيلي على رفح وضرورة اتخاذ إجراءات ضدها في ذلك، منعًا لما تصفه جوهانسبرغ بأنه “إبادة جماعية”.
ولكن إسرائيل تنفي تلك الادعاءات، وتقول إنها عارية من الصحة، مؤكدة في الوقت نفسه أنها ستتجاهل أي أمر بوقف عملياتها.
وقال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إنه لا توجد قوة على الأرض يمكن أن تمنع إسرائيل من حماية مواطنيها وملاحقة عناصر حماس.
وضع كارثي
وفي كلمته خلال قراءة حكم المحكمة، قال رئيس المحكمة نواز سلام، إنه “يجب على إسرائيل أن توقف فورًا هجومها العسكري وأي عمل آخر في محافظة رفح، يمكن أن يؤدي إلى دمار مادي للفلسطينيين”، في إشارة إلى ما يشكل إبادة جماعية بموجب القانون الدولي.
وأضاف أن إسرائيل ملزمة بمساعدة أي هيئة تابعة للأمم المتحدة بالوصول إلى غزة للتحقيق في مزاعم الإبادة الجماعية.
كما كرر الحكم مطلب إسرائيل بتمكين “توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية على نطاق واسع دون عوائق” لغزة.
ووصف حكم محكمة العدل الدولية الوضع الإنساني في غزة بأنه “كارثي”.
وكانت إسرائيل بدأت هجومها على رفح منذ نحو ثلاثة أسابيع بعد تهديدات طويلة، إذ تزعم أن المدينة الجنوبية المعقل الأخير لعناصر حماس والأسرى الإسرائيليين.
وتعد رفح بمثابة أكبر تجمع إنساني في الوقت الحالي، إذا كانت تضم نحو مليون ونصف نسمة قبل الهجوم الإسرائيلي الذي دفع 800 ألف شخص للنزوح مرة أخرى.
وتأتي خطوة المحكمة الدولية في الوقت الذي تسعى فيه المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه، يوآف غالانت، باعتبارهما مجرمي حرب.
ولكن هل قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة؟
تتمتع قرارات محكمة العدل الدولية بصفة الإلزامية ولا يمكن الطعن عليها، ولكنها لا تمتلك الإمكانات التي تمكنها من فرض الامتثال لقراراتها.
وكانت المحكمة قد أصدرت أمرًا مماثلًا بحق روسيا منذ بداية حربها على أوكرانيا، وطالبتها بوقف الحرب ولكنه لم يتحقق حتى الآن.
ولكن من حق المحكمة أن تُحيل القرار إلى مجلس الأمن وتدعوه لاتخاذ إجراءات في هذا الصدد.
ورغم ذلك فليس من المتوقع أن يخرج مجلس الأمن بقرار يدعم مطالبات المحكمة، خصوصًا في ظل وجود الولايات المتحدة – حليف إسرائيل الأكبر – والتي تمتلك حق النقض “فيتو”.
إذن ما أهمية قرار المحكمة؟
تفرض القرارات الصادرة عن أعلى جهة قانونية تابعة للأمم المتحدة المزيد من الضغوط على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وتزيد من عزلتها السياسية دوليًا.
ويأتي ذلك في الوقت التي تزيد فيه التوترات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، على خلفية عدم توضيح الأخيرة لخطتها بشأن اجتياح رفح ومدى التزامها بضمان حماية المدنيين.
وكانت الولايات المتحدة لوحت بقطع المساعدات عن إسرائيل، إذا ما أصرت على استكمال عمليتها العسكرية في رفح دون خطة واضحة لحماية المدنيين.
وفي الوقت الذي تنفي فيه إسرائيل تهمة الإبادة الجماعية”، فإن قواتها قتلت منذ بداية حربها على غزة في 7 أكتوبر الماضي قرابة 36 ألف فلسطيني أغلبهم من النساء والأطفال، وفق السلطات الصحية في غزة.
المصدر: BBC