علوم

إشارات صامتة: لماذا تتغير ألوان محيطات العالم؟

يشهد توازن مجموعات العوالق النباتية في البحار، تغيرات كبيرة نتيجة لتغير المناخ الذي يسببه الإنسان، مما يؤدي إلى تغييرات جذرية في المحيطات.

عندما تتخيل المحيط، قد تتصور مياهًا فيروزية براقة. ولكن الأبحاث الحديثة تشير إلى أن مساحات واسعة من محيطات عالمنا، قد تتحول في الواقع إلى اللون الأخضر، وقد يكون المسبب الرئيسي لهذا التغير هو تغير المناخ. بينما تصبح بعض المياه أكثر خضرة، خاصة في المناطق المنخفضة القريبة من خط الاستواء. فإنه من ناحية أخرى ثمة مياهًا أخرى تزداد زرقة مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية.

التغير في لون المحيطات

على الرغم من أن هذا التغير في اللون ليس مرئيًا للعين المجردة، إلا أن الدراسات الفضائية باستخدام الأقمار الصناعية تستطيع رسم خريطة لهذا التغير. يقول بي بي كايل، عالم في المركز الوطني لعلوم المحيطات في ساوثامبتون بالمملكة المتحدة: “اللون نفسه ليس شيئًا يمكن وصفه بسهولة بلغة البشر أو حتى يمكنك رؤيته جيدًا”. وبدلاً من ذلك، قد يكون هذا شيئًا يمكن للروبيان السرعوف أو الفراشة رؤيته.

تقرير حالة المناخ الأوروبي

كشف تقرير حالة المناخ الأوروبي الأخير، الذي نُشر في أبريل 2024 من قبل خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي، مدى التغير الذي يحدث في المحيطات. على سبيل المثال وجد التقرير أن نسبة الكلوروفيل – الصبغة الضوئية الموجودة في العوالق النباتية والنباتات التي تمنحها لونها الأخضر – كانت أعلى بنسبة 200-500% من المتوسط، في بحر النرويج والمحيط الأطلسي شمال المملكة المتحدة في أبريل 2023، بينما كانت أقل بنسبة 60-80% في المحيط غرب شبه الجزيرة الأيبيرية. في البحر الأبيض المتوسط، كانت مستويات الكلوروفيل أعلى بنسبة 50-100% من المتوسط في يونيو 2023.

الاحترار العالمي وتغيرات اللون

يعتقد العلماء أن هذه التغيرات في اللون تتجاوز التغيرات الطبيعية من سنة لأخرى. وهي علامة على ارتفاع درجات حرارة المحيطات. وكشفت تحليلات أجرتها بي بي سي نيوز لدرجات حرارة سطح البحر التي جمعتها كوبرنيكوس أن المحيطات حول العالم تشهد احترارًا قياسيًا، حيث تحطمت الأرقام القياسية لدرجات الحرارة في المحيطات كل يوم خلال العام الماضي.

دور العوالق النباتية

العوالق النباتية هي كائنات مجهرية تقوم بعملية التمثيل الضوئي وتشكل قاعدة الشبكة الغذائية البحرية، حيث تدعم الكائنات الأخرى في السلسلة الغذائية من الكريل إلى الحيتان. تحتوي العوالق النباتية على الكلوروفيل، وهو نفس الصبغة الخضراء التي تستخدمها النباتات لجمع الطاقة من ضوء الشمس أثناء التمثيل الضوئي. تلعب العوالق النباتية أيضًا دورًا كبيرًا في نقل ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي إلى المحيط.

قياس التغيرات

قام كايل بقياس التغيرات في لون المحيطات باستخدام بيانات من الأقمار الصناعية التابعة لناسا. وجد كايل وفريقه أن أكثر من نصف مساحة المحيطات حول العالم – 56% – قد تغير لونها. هذه المساحة أكبر من جميع اليابسة في العالم. في المناطق الاستوائية القريبة من خط الاستواء، أصبحت المياه أكثر خضرة بسبب زيادة الكلوروفيل من العوالق النباتية المتزايدة.

توقعات مستقبلية

توقع بعض الباحثين أن العوالق النباتية ستتحرك شمالاً بسرعة حوالي 35 كيلومترًا (21 ميلًا) كل عقد مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة. سيؤدي ذلك إلى تغييرات في توزيع العوالق الحيوانية – الكائنات الدقيقة التي تتغذى على العوالق النباتية – مما سيؤدي بدوره إلى تأثيرات كبيرة في الشبكات الغذائية المتصلة والأسماك، التي تعتمد على هذه الكائنات.

أهمية التغير في اللون

“ليس اللون نفسه هو ما يهمنا”، . “ما يهم هو أن التغير في اللون يعكس التغير في النظام البيئي”. التغيرات في لون المحيطات تعكس تغيرات عميقة، في النظم البيئية البحرية، وهي مؤشر على التأثيرات المستمرة لتغير المناخ على كوكبنا.