سياسة

ما تداعيات الموجهات الصاروخية الإيرانية-الإسرائيلية على الشرق الأوسط؟

في منتصف أبريل الجاري، كان الشرق الأوسط على شفير الحرب، بعد الهجوم الإيراني غير المسبوق على إسرائيل بشكل مباشر وللمرة الأولى عبر الطائرات المسيرة وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية، في ليلة 13-14 أبريل المشهودة.

ومن وقتها، ولا يزال الساسة، والمحللون، والقادة العسكريون، يحاولون استيعاب التغيير الكبير الذي حدث على ساحة القدرات العسكرية، والمواجهة الصاروخية بين العدوين اللدودين، والتي لم تصل إلى حرب شاملة وصراع دولي، بسبب ما قيل إنه أخطاء تقنية، حسبما يشير تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”.

مواجهة صاروخية

وتقول بي بي سي: “تتطور الأمور في الشرق الأوسط بشكل سريع، ففي لحظة واحدة تشهد مواجهة صاروخية، وباستخدام المسيرات بشكل غير مسبوق بين إيران وإسرائيل، وفي اللحظة التالية يعود التركيز على الحرب الجارية في غزة”.

ويضيف التقرير: “ويرى بعض الخبراء أن الهجوم الإيراني على إسرائيل، هو أكبر هجوم صاروخي شامل على الإطلاق، حتى أكبر من أي هجوم صاروخي روسي على أوكرانيا، كما أنه كان أول هجوم صاروخي خارجي على إسرائيل، منذ هجمات الرئيس العراقي السابق، صدام حسين عليها بصواريخ سكود عام 1991”.

إسقاط الصواريخ الإيرانية

وقد تمكنت إسرائيل من إسقاط غالبية الصواريخ الإيرانية التي تخطى عددها 300 صاروخ، كما فشل الكثير منها في إصابة هدفه، لكن مراسل بي بي سي في القدس، يقول إنه شاهد السماء تضيء ليلا بسبب الدفاعات الجوية الإسرائيلية، التي كانت تستهدف الصواريخ الإيرانية، لتجنب حصيلة عالية من الضحايا.

ونقل المراسل عن مسؤول أمني غربي قوله: “لا أظن أن الناس يعرفون إلى حد كنا قريبين من الأمر قبل أيام، كان يمكن أن تنحى الأمور منحى آخر”.

ويظن البعض في الغرب أن الهجمات الإيرانية الإسرائيلية المتبادلة، كانت لها بعض الإيجابيات، على اعتبار أن العمل الاستخباراتي الإسرائيلي كان ناجحا في توقع أسلوب القصف الإيراني، والمواقع التي سيستهدفها، بحيث كان الدفاع ناجعا، وبالتالي كانت هناك فرصة لإيران وإسرائيل لتعلم كيفية التراجع ووقف التصعيد.

في غضون ذلك، تشير بي بي سي إلى أن الولايات المتحدة عرفت الخطة الإيرانية صبيحة الأربعاء، قبل أيام من الهجوم الذي بدأ السبت، وبذلك عرفت واشنطن حجم الهجوم الإيراني بشكل كامل، فيما يقول مسؤول غربي رفيع المستوى “بلغنا أن الهجوم الإيراني سيكون أقوى ما توقعناه، وكان ذلك صادما لكنه ساهم في دعم تشكيل رد الفعل على الساحة الدولية”، حسبما نقلت بي بي سي.

وقد ساعد العمل الاستخباراتي الناجح، وبعض الإشارات الإيرانية إسرائيل على الاستعداد لصد الهجوم، إذ اتضح أن الجهد العسكري الأمريكي والبريطاني، والفرنسي، والأردني يمكن أن يعمل بشكل مشترك لصالح الجميع، في مجال الدفاع الجوي، حسبما تذكر بي بي سي.

وقال المصدر الأمني الغربي “لقد كان أسلوبا عملياتيا ناجحا، وازداد نجاحه بسبب الجهد الاستخباراتي، فقد عملنا على مستوى المنطقة كلها، وعملنا معا بشكل غير ممكن لأي مجموعة أخرى من الدول في العالم”.

تعلّم الدرس!

ويرى خبراء أن إيران وإسرائيل تعلمتا مما جرى، فقد تواصلت الدولتان لتوضيح الأمور، وأدركتا أن المسائل يمكن أن تتصاعد، دون أن ينقطع الاتصال بينهما.

ورغم رغبة إيران في الهجوم على إسرائيل إلا أنها كانت تريد الحصول على المزيد من الحلفاء، لذا قالت من البداية إن الهجوم سيكون موجة واحدة فقط، كما قالت إسرائيل من جانبها إن انتقامها لن يكون عنيفا، واستهدفت بعض الدفاعات الجوية في إيران.

ويبدو أن إيران ربما تكون قد حصلت على معلومات مبكرة بخصوص المواقع التي ستستهدفها إسرائيل في ردها، لتتمكن من تجنب الأضرار، كما أن طهران قالت من البداية إنها لن ترد على الهجوم الإسرائيلي.

وبالتالي تعلم الطرفان دروسا عسكرية، وقال المعهد الدولي للدراسات العسكرية “ساعد الهجوم إيران على تحديد قوة ودراسة أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية”.

وكذلك تمكنت الولايات المتحدة من فهم القدرات الصاروخية الإيرانية بشكل أكبر.

أما وجهة النظر الأخرى، فترى أن أيران وإسرائيل كسرتا الحاجز النفسي، الذي كان قائما بخصوص عدم الهجوم على الطرف الآخر بشكل مباشر، وبالتالي أصبح الأمر قائما الآن.

ويقول أشفون أوستوفار في منشور لمعهد الدراسات والأبحاث الخارجية إن حجم الهجوم الإيراني يوضح أنها لم تعد مقتنعة بسياسة ضبط النفس.

ويضيف “فكرة أن إيران شنت هجوما ضعيفا لا تدعم مضمون الأمن على الإطلاق، لقد كانت إيران ترغب في توجيه ضربة قوية لإسرائيل”.

وهناك شكوك أيضا في قيام أي طرف بالتصرف بمنهج الردع، حسب ما يقول عاموس هير محلل الشؤون الدفاعية لجريدة هأرتس الإسرائيلية.

ويقول هير “لقد خرقت الدولتان القواعد التي كانت سارية في السابق، رغم ضآلة الخسائر، وبالتالي أصبح الردع المتبادل بينهما مختلا”.

لكن يبدو أن الدرس الذي تعلمه الجميع مما حدث هو أن المنطقة بأسرها أصبحت على حافة حرب شاملة، فيما يقول مصدر دبلوماسي غربي “لقد انتهى الأمر بشكل جيد، فقد كان من الممكن أن يتخذ الصراع طريقا آخر”.

اقرأ أيضاً: