يجتمع زعماء العالم في العاصمة الكندية هذا الأسبوع لمناقشة التقدم المحرز في صياغة أول معاهدة عالمية على الإطلاق لكبح جماح التلوث البلاستيكي المتزايد بحلول نهاية العام.
ويمكن أن تكون المعاهدة المأمولة ، والتي من المقرر أن يتم الاتفاق عليها في نهاية هذا العام، أهم صفقة تتعلق بالانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري وحماية البيئة منذ اتفاق باريس لعام 2015، الذي وافق 195 طرفًا على منع درجات الحرارة العالمية من الارتفاع. أبعد من 1.5 درجة مئوية.
أهمية وجود معاهدة حول البلاستيك
اتفقت دول العالم على وضع اتفاقية ملزمة قانونًا في جمعية البيئة التابعة للأمم المتحدة في عام 2022، وأن تتم بحلول نهاية عام 2024 لمعالجة أزمة التلوث البلاستيكي في العالم .
تهدف المعاهدة إلى معالجة المواد البلاستيكية طوال دورة حياتها بأكملها بدءًا من وقت إنتاجها وحتى كيفية استخدامها ومن ثم التخلص منها.
لا تقتصر خطورة النفايات البلاستيكية على تلويث المناظر الطبيعية والممرات المائية، فإن إنتاج البلاستيك يزيد إطلاق انبعاثات غازات الدفيئة، ووفقًا لتقرير صدر الأسبوع الماضي عن مختبر لورانس بيركلي الوطني الفيدرالي الأمريكي، تمثل صناعة البلاستيك الآن 5% من انبعاثات الكربون العالمية، وستنمو إلى 20% بحلول عام 2050 إذا استمرت الاتجاهات الحالية.
كما تشير التوقعات إلى أن إنتاج البلاستيك سيتضاعف ثلاث مرات بحلول عام 2060، مما يجعل الضرورة ماسة لوضع حدود على عمليات الإنتاج، خاصة أن معظم إنتاج البلاستيك يستخدم مشتقات البترول، مما يجعل التحول إلى مصادر بديلة أمرًا ضروريًا للتقليل من التأثيرات البيئية السلبية لهذه الصناعة.
عقبات في طريق المعاهدة
تعد المحادثات التي تنعقد هذا الأسبوع هي أكبر تجمعًا بشأن هذه القضية حتى الآن، حيث تم تسجيل ما يقرب من 3500 شخص للمشاركة، بما في ذلك ممثلون عن جماعات الضغط، ورؤساء الشركات، والمشرعين، والعلماء، والمنظمات البيئية غير الحكومية.
ومع ذلك فإن الدول ما زالت متقسمة بشأن هذه القضايا، كما تجلى ذلك في الجولات الثلاث السابقة من المحادثات التي عُقدت في بونتا دل إيستي وأوروغواي وباريس، وأخيرًا في نيروبي.
وشهدت المحادثات التي جرت في نيروبي نوفمبر الماضي، فتح مسودة المعاهدة المطروحة للمراجعة من 30 صفحة إلى 70 صفحة، نتيجة إصرار بعض الدول على إدراج اعتراضاتها على بعض الإجراءات، مثل حدود الإنتاج والتخلص التدريجي.
ويتعرض المشاركون الآن لضغوط للتوصل إلى توافق قبل عقد المفاوضات النهائية في ديسمبر في بوسان، كوريا الجنوبية.
جوانب الخلاف
عارضت العديد من الدول المنتجة للبلاستيك والبتروكيماويات، من بينها السعودية وإيران والصين، المعروفة بشكل جماعي بمجموعة الدول ذات التفكير المماثل، فكرة تحديد الإنتاج أو الكشف عن المواد الكيميائية أو جداول التخفيض بعد اجتماع نيروبي في العام الماضي.
من ناحية أخرى، يسعى “التحالف عالي الطموح”، الذي يضم 60 دولة من بينها دول الاتحاد الأوروبي والدول الجزرية واليابان، إلى إنهاء التلوث البلاستيكي بحلول عام 2040.
ويدعو هذا التحالف، بدعم من بعض المجموعات البيئية، إلى وضع أحكام مشتركة وملزمة قانوناً لتقييد وخفض إنتاج واستهلاك البوليمرات البلاستيكية الأولية إلى مستويات مستدامة، ويقترحون تدابير مثل التخلص التدريجي من المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد وحظر بعض الإضافات الكيميائية التي يمكن أن تحمل مخاطر صحية.
ومن جانبها عبرت الولايات المتحدة عن رغبتها في إنهاء التلوث البلاستيكي بحلول عام 2040 أيضًا، لكن بطريقة مختلفة عن التحالف عالي الطموح، حيث تريد من الدول وضع خططها الخاصة لتحقيق هذا الهدف، وتقديم تعهداتها بانتظام تنفيذ الخطط إلى الأمم المتحدة.
احتجاج المصنعين
احتجت المجموعة التجارية “Global Partners for Plastic Circularity” أحد المنتجين الرئيسيين في صناعة البتروكيماويات، والتي تضم أعضاء من مجلس الكيمياء الأمريكي وشركة البلاستيك الأوروبية، على أن تحديد سقف للإنتاج قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات للمستهلكين، وتعتقد أن المعاهدة ينبغي ألا تناقش المواد البلاستيكية إلا بعد عمليات التصنيع.
وتركز هذه الشركات على تعزيز إعادة استخدام أو إعادة تدوير المواد البلاستيكية، بما في ذلك تعزيز التقنيات التي تحول البلاستيك إلى وقود، على الرغم من وجود عقبات كبيرة.
وبالنسبة للشفافية فيما يتعلق بالمواد الكيميائية المستخدمة في الإنتاج، طالبت المجموعة بالسماح للشركات بالكشف عن هذه المواد بشكل طوعي.
موقف العلامات التجارية الكبرى
انضمت أكثر من 200 شركة تعامل مع المستهلكين، بما في ذلك وول مارت ويونيليفر وبيبسيكو، إلى تحالف الأعمال من أجل معاهدة البلاستيك، حيث تعتمد هذه الشركات على التغليف البلاستيكي لمنتجاتها وحاذت على جانب كبيرفي المفاوضات المتعلقة بالبلاستيك.
وبالرغم من أنهم سيضطرون إلى تعديل سياستهم في العمل دعم أعضاء التحالف إمضاء معاهدة تتضمن حدودًا للإنتاج، واستخدام القيود والتخلص التدريجي، وسياسات إعادة الاستخدام، ومتطلبات تصميم المنتج، ومسؤولية المنتج الموسعة، وإدارة النفايات.
المصدر: