لا تزال روسيا مصممة على تحميل أوكرانيا مسؤولية الهجوم الدامي على قاعة الحفلات الموسيقية في مدينة كروكوس الشهر الماضي.
وعلى الرغم من أن تنظيم الدولة الإسلامية تبنى الهجوم فور حدوثه، إلا أن موسكو لا تريد أن تتراجع عن اتهاماتها إلى كييف بالتورط في الحادث.
ويزعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وحليفين مقربين أن تنظيم الدولة الإسلامية حصل على مساعدات من المخابرات الغربية والأوكرانية.
من جانبها تنفي أوكرانيا المزاعم الروسية وتصفها بأنها “أكاذيب”، كما سخر الغرب من اتهامات الكرملين.
ولكن الأدلة تُشير إلى أن تورط الغرب في هذا الهجوم أمر غير وارد، خصوصًا أن الولايات المتحدة حذرت روسيا من هجوم وشيك قبل 15 يومًا.
حرب غير مباشرة
أسفر الهجوم عن مقتل 139 شخصًا، بينما لا يزال هناك 22 شخصًا في حالة خطيرة.
وقادت السلطات الروسية 4 أشخاص من طاجيكستان إلى المحكمة بتهمة ارتكاب الهجوم، بينما اتهمت 4 آخرين بالتورط في مساعدة الإرهاب.
وأقر الرئيس الروسي في حوار تليفزيوني بأن موسكو تعلم جيدًا أن الحادث تم ارتكابه بواسطة مسلحين إسلاميين متطرفين.
وأكد أن المهاجمين حاولوا الفرار عبر الحدود الجنوبية إلى أوكرانيا، لافتًا إلى أن الهجوم قد يكون حلقة ضمن سلسلة الجرائم التي يتم ارتكابها ضد بلاده منذ عام 2014.
وقال بوتين إنه بينما كانت الولايات المتحدة تحاول إقناع العالم بأنها بعيدة عن التورط في الهجوم، إلا أنها كانت تستخدم أوكرانيا في الخفاء لمحاربة روسيا.
وأكد أمين مجلس الأمن نيكولاي باتروشيف، أحد حلفاء بوتين الأطول خدمة، على ادعاءات بوتين يوم الثلاثاء عندما سُئل عما إذا كان تنظيم الدولة الإسلامية أو أوكرانيا وراء الهجوم: “بالطبع، أوكرانيا”.
وأيد رئيس جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، ألكسندر بورتنيكوف، ذات الرواية، إذ قال إن الحادث تم إعداده من قبل الإسلاميين المتطرفين، وتم تسهيله بواسطة أجهزة الأمن الغربية والأوكرانية.
استغلال للموقف!
بدوره، نفى الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، الاتهامات الروسية، ووصف الرئيس الروسي بأنه “مخلوق مريض وساخر”.
ومن ناحيته أبدى زعيم بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو، الحليف المقرب لبوتين، شكوكًا غير مباشرة في الرواية الروسية.
وترى الولايات المتحدة أن تنظيم الدولة الإسلامية هو المسؤول الوحيد عن الهجوم، فيما انتقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون محاولات روسيا لاستغلال الموقف ضد أوكرانيا.
ويعتقد وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاجاني، أن روسيا باتهاماتها تحاول إيجاد ذرائع لمهاجمة كييف، خصوصًا في ظل وضوح مقاطع الفيديو التي بثها تنظيم الدولة الإسلامية والتي تثبت مسؤوليته عن الحادث.
كانت الولايات المتحدة حذرت قبل أسبوعين من الحادث من خطط وشيكة لمتطرفين لاستهداف تجمعات كبيرة في موسكو، ولكن بوتين وصف هذا التحذير بأنه “استفزازاي”.
وقال بوتين قبل 3 أيام من وقوع الحادث، إن الولايات المتحدة ترغب في زعزعة استقرار المجتمع الروسي بإطلاق مثل هذه التحذيرات.
وفي غضون ذلك، أعلن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، الثلاثاء، أنه أحبط هجومًا شنته مقاتلات روسية موالية لأوكرانيا في مدينة سامارا الجنوبية.
أسباب إصرار روسيا على اتهام أوكرانيا
نفس العدو
تُصدّر روسيا للرأي العام العالم أن أوكرانيا والغرب هما أكبر خطر بالنسبة لها، وذلك منذ الغزو الروسي على أوكرانيا قبل عامين.
وإذا تبنت روسيا إعلان تنظيم الدولة مسؤوليته عن الحادث، سيفتح عليها باب الانتقادات والتساؤلات حول سبب عدم تركيزها على عدو آخر واضح لها بدلًا من أوكرانيا والغرب.
التغطية على التحذيرات
ربما تسعى روسيا من وراء التمسك باتهام أوكرانيا والغرب بالتورط في الحادث إلى صرف الانتباه عن تعاملها مع التحذيرات الأمريكية التي تلقتها قبل الهجوم بشهر.
وقالت روسيا وقتها إن أمريكا تحاول زعزعة استقرار البلاد وبث الخوف والرعب، ولكن المسؤولين الأمريكيين أكدوا صحة الملعومات ومصداقيتها.
تصعيد الحرب
تمسك روسيا باتهاماتها لأوكرانيا يمنحها عذرًا لتكثيف حربها ضد الأخيرة في المستقبل.
ولكن الخبراء يحذرون من تجاهل الأنظمة للأعداء الحقيقيين في سبيل تحقيق أهداف بعينها، قائلين إنها الخطوة الأولى في هلاك تلك الأنظمة.
تصاعد المخاوف
وبعد الحادث، تزايدت المخاوف في أوروبا الغربية من تجدد المؤامرات من قبل تنظيم الدولة الإسلامية، خصوصًا في ظل الأحداث الرياضية الكبرى المرتقبة هناك.
ومن المقرر أن تستضيف باريس الألعاب الأولمبية في غضون أربعة أشهر، وقال وزير الداخلية إن التهديد الرئيسي هو محلي لكن التهديد الخارجي لتنظيم الدولة الإسلامية يشهد تجددًا.
وبحسب وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانين، فإن فرنسا أعلنت حالة التأهب القصوى منذ الأحد الماضي، وقال رئيس الوزراء غابرييل أتال إنه تم إحباط هجومين منذ بداية العام.
ومن المقرر نشر 4 آلاف جندي إضافي في جميع أنحاء فرنسا في الأيام المقبلة.
ومن المتوقع أن تفرض ألمانيا ضوابطًا مؤقتة على الحدود خلال بطولة أوروبا ابتداء من يونيو حزيران، للتصدي إلى عصابات تهريب المهاجرين.
وقالت وزيرة الداخلية نانسي فيزر إنه سيتم فرض ضوابط على جميع الحدود الألمانية خلال البطولة “لمنع مرتكبي جرائم العنف المحتملين من دخول البلاد”.
المصدر: BBC