علوم

هل البشر هم الحيوان الواعي الوحيد؟

لطالما كانت مسألة الوعي، وخاصة مسألة ما إذا كان البشر الكائنات الوحيدة المدركة على هذا الكوكب، محيرة للفلاسفة والعلماء على مر القرون. بينما اقترح بعض الآراء التاريخية أن الوعي مقتصر على البشر فقط، فإن العلم الحديث يتحدى هذا الافتراض من خلال تسليط الضوء على السمات المشتركة بين مختلف الكائنات. يستكشف هذا المقال تعقيدات الوعي والجدل المستمر المحيط بطبيعته وأصله.

المنظورات التاريخية

على مر التاريخ، شكلت المنظورات المختلفة فهمنا للوعي. اقترح أرسطو أن البشر فقط يمتلكون الأرواح العقلانية، بينما وضعت المسيحية في العصور الوسطى البشر فوق الحيوانات البلا روحية في السلسلة الهرمية “سلم الوجود”. وجاد رينيه ديكارت بأن الحيوانات تظهر سلوكيات رد فعلية فقط، خالية من التجربة الواعية. ومع ذلك، تكشف التطورات في علم الأحياء عن تشابهات بارزة في التشريح والفسيولوجيا والوراثة بين الأنواع المختلفة، مما يثير تساؤلات حول فرادى الوعي البشري.

تحدي دراسة الوعي

على الرغم من وجود الوعي في تجربة الإنسان، إلا أنه لا يزال من الصعب دراسته. يسلط سؤال الفيلسوف توماس ناجل الشهير “ما هو الشعور بكون الخفاش؟” الضوء على صعوبة دراسة الوعي، حيث إنه لا يوجد لدينا تعريف واضح يتجاوز الاعتماد على هذا السؤال المشهور. يتساءل ناجل عن طبيعة الوعي لدى الخفاش، حيث يحاول تصور ما يشعر به الخفاش، ولكن هل هناك فعلاً أي شيء يمكن أن نقول إنه يشعر به؟ النقطة الحاسمة هنا هي: إذا كان لا يوجد شيء يمكن وصفه بأنه شعور للخفاش، فيمكننا القول إنه ليس لديه وعي. وإذا كان هناك شيء (أي شيء) يمكن أن يصف للخفاش، فهو يمتلك وعيًا. فهل يوجد؟

التحديات في فهم الوعي

إذا كان الوعي ينشأ من النشاط العقلي، فكيف يمكن للخلايا العصبية الفعالة ماديًا أن تخلق الشعور بالألم، أو الألوان الرائعة لغروب الشمس، أو طعم النبيذ الفاخر؟ هذه المشكلة الصعبة هي مشكلة الثنائية: كيف يمكن للعقل أن ينشأ من المادة؟ بالفعل، هل ينشأ؟

ما وراء العلم

تنقسم الإجابة على هذا السؤال إلى قسمين: هناك فريق “B”، الذي يتعثر في مشكلة الوعي الصعبة ويعتقد في إمكانية وجود “الكسالى” الفلسفيين، كما وصفهم الفيلسوف دانيال سي. دينيت في نقاش متوتر. يؤمن أعضاء هذا الفريق بأن الحيوانات الأخرى قد تكون ترى وتسمع وتأكل وتتزاوج “كل ذلك في الظلام” بدون تجربة واعية على الإطلاق. إذا كان الأمر كذلك، فإن الوعي يجب أن يكون قدرة إضافية خاصة يمكن أن نكون قد تطورناها سواء معها أو بدونها و، يقول الكثيرون، نحن محظوظون بأن نمتلكها.

استنتاج

في النهاية، يظل الوعي أحد أكثر الألغاز الفلسفية والعلمية تعقيدًا التي تواجه البشرية. فهل نحن الكائنات الوحيدة المدركة على هذا الكوكب؟ هذا السؤال المحير يستدعي المزيد من الأبحاث والنظريات لفهم طبيعته وأصله بشكل أعمق.