يصنف البطيخ الأحمر كأحد أكثر الفواكه المنعشة ارتباطًا بفصل الصيف، ولكنه لم يكن دومًا حلو الطعم أو حتى بذلك المظهر الذي يقدّم ألوانًا نابضة بالحياة، فكيف كان طعم وشكل البطيخ في الأصل؟
من أين جاء البطيخ؟
أجرت سوزان رينر، عالمة النبات بجامعة “لودفيج ماكسيميليان” بميونيخ في ألمانيا وزملاؤها تسلسلًا وراثيًا شاملاً للبطيخ المستأنس، وهو النوع الذي قد تجده على أرفف المتاجر الكبرى، بالإضافة إلى ستة أنواع من البطيخ البري.
قالت “رينر”: “لقد وجدنا أن الجينات الحديثة للبطيخ المستأنس ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالنوع البري السوداني أكثر من أي نوع آخر قمنا بتحليله”.
وأوضحت: “لدى البطيخ البري السوداني بعض الاختلافات الملحوظة عن النسخة المستأنسة، حيث أن المادة الصالحة للأكل بداخله لونها أبيض وليست حلوة، كما أنه يستخدم بشكل أساسي كعلف للحيوانات”.
دفع التشابه الجيني بين النوعين الباحثين إلى استنتاج أن الفاكهة السودانية ربما تكون مقدمة للبطيخ المستأنس الأحمر والحلو، وفقًا لدراسة نشرت في يونيو 2021 بمجلة “Proceedings of the National Academy of Sciences”.
وضع الباحثون احتمالًا أن المزارعين القدماء قاموا بزراعة أنواع غير مرة من البطيخ البري، وبالتالي زادوا من حلاوته على مدى أجيال عديدة من خلال عملية التدجين.
ومن المحتمل أن يكون اللون الأحمر أيضًا بفضل الانتقاء، حيث فضل المزارعون الفاكهة الحمراء، ولكن متى حدث هذا وما هي الحضارة المسؤولة عنه؟
قالت سوزان رينر: “نحن نعلم بالفعل أن الملك المصري القديم توت عنخ آمون دُفن مع بذور البطيخ قبل 3300 عام، لكن هذا ليس دليلاً كافيًا على وجود بطيخ حلو مستأنس، فربما تم استخدام البذور كوجبات خفيفة لذيذة من البطيخ البري”.
عثرت “رينر” على صورة لفاكهة تشبه البطيخ على لوحة مقبرة مصرية قديمة، يعتقد أن عمرها أكثر من 4300 عام.
وقالت “رينر”: “تم نشر الصورة في الأصل عام 1912، لكن لم يفسرها أحد على أنها بطيخة من قبل”.
وفي مقبرة منفصلة، تظهر صورة أخرى البطيخ مقطعا على صينية إلى جانب الفواكه الحلوة الأخرى، مثل العنب.
بجمع هذه المعلومات مع النتائج الجينية التي توصلت إليها “رينر”، يتضح أن البطيخ تم تدجينه على الأرجح في ذلك الوقت تقريبًا إما في مصر أو في نطاق التجارة في الإمبراطورية القديمة.
وأشارت “رينر” إلى احتمال أن النوبيين القدماء الذين عاشوا في السودان ربما كانوا هم من استأنسوا البطيخ وتاجروا به مع المصريين القدماء.
وقالت “رينر”: “ما يشير إليه بحثي هو أنه في مكان ما في هذه المنطقة تم تدجين البطيخ لأول مرة، وأن المصريين القدماء كانوا يأكلونه”.
اقرأ أيضًا:
كيف تحول البطيخ إلى رمز تاريخي لفلسطين؟
هل تناول بذور البطيخ صحي وآمن؟
في يوم ميلاد بوتين.. كم بلغ الرئيس الروسي من العمر وما علاقة “البطيخ” بالأمر؟
المصادر:
