أعمال

هل انتهت أيام هونغ كونغ كمركز تجاري عالمي؟

هونغ كونغ

كانت هونغ كونغ على مدار العقود الماضية مدينة نابضة بالحياة والحضارة، تتمتع بمكانة استثنائية كمركز تجاري عالمي، حيث تشتهر المدينة بتنوعها الثقافي وديناميكيتها الاقتصادية، حيث تعد واحدة من أكبر المراكز المالية والتجارية في العالم.

وفي الآونة الأخيرة فقدت هونغ كونغ مكانتها باعتبارها محبوبة لرأس المال العالمي، وهو ما أثار قلق العديد من لسكان حول مستقبل مدينتهم.

المادة 23.. زيادة المخاوف وتأثيرمحتمل على الشركات

أثار قانون الأمن الصارم “المادة 23” الذي دخل حيز التنفيذ خلال عطلة نهاية الأسبوع، مخاوف جديدة بين المواطنين، حيث يعبر البعض عن قلقهم من استخدام السلطات هذا القانون لقمع المعارضة وتقييد حرياتهم الشخصية.

تعتبر السلطات أن تطبيق هذا القانون يأتي في إطار حماية الأمن وتعزيز الاستقرار في المدينة، بينما يشعر المنتقدون بأن ذلك قد يؤدي إلى قمع حرية التعبير والتظاهر، وإلى إغلاق المحاكمات وتوجيه عقوبات صارمة بشكل مبالغ فيه لمن يُتهمون بجرائم غير محددة بوضوح.

يأتي هذا القانون في ظل تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين، مما يدفع بالمستثمرين الأجانب للنظر إلى خيارات استثمارية خارج الصين. وفي هذا السياق، يعتبر بعض المستثمرين أن هونغ كونغ كانت بيئة استثمارية مختلفة، لكن الآن يبدو أن الأمور تتغير، مما يثير قلقهم بشأن استمرارية الاستثمار فيها.

وعلى الرغم من أنه من الصعب تقدير تأثير المادة 23 على الشركات حاليًا، إلا أنها قد تؤدي إلى زيادة تكاليف الامتثال بسبب طبيعة صياغتها المبهمة.

وتتجه اهتمامات بكين في الفترة الحالية نحو الأمن القومي وتحديد الخطر الناجم عن وجود “القوات الأجنبية” إلى أن تصبح موضوعاً رئيسياً في التشريعات والسياسات الحالية، إلا أن هذا التحول يزيد من التوترات والمخاطر التي تواجه رؤوس الأموال الأجنبية والشركات العاملة في المنطقة.

يشير تسي، موظف في أحد البنوك الصينية التي تتبع للدولة، إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية خلال العامين الماضيين، مع عدم وجود صفقات كبيرة.

 وأوضح تسي أن الشركة التي يعمل بها أجرت عمليات تسريح لنحو 10% من موظفيها في يونيو، مع إجراءات إضافية لنحو 5% آخرين في الأسبوع الماضي فقط، معبرًا عن قلقه بشأن عدم اليقين بشأن مستقبل العمل.

رد الحكومة

أكدت حكومة هونغ كونغ أن تطبيق المادة 23 من قانون الأمن الوطني لن يؤثر على الأعمال اليومية في المدينة، بل سيسهم في تعزيز الاستقرار وتعزيز التنمية الاقتصادية.

وأشارت الحكومة أيضًا إلى أن هذه الخطوة تعكس الاتجاه العالمي نحو اتخاذ التدابير الأمنية، مؤكدةً أن هونغ كونغ ليست الوحيدة التي تفرض قوانين أمنية.

وتأتي هذه التطورات في سياق توسع قانون الأمن الوطني في هونغ كونغ، الذي فرضته الصين في عام 2020، وسط جهود من إدارة المدينة لتهدئة الشكوك وتأكيد دورها كمركز مالي عالمي.

من جانبها، أعلنت غرفة التجارة العامة في هونغ كونغ عزمها جعل المدينة مكانًا أكثر أمانًا للشركات والمهنيين، مؤكدةً التزامها بتعزيز البيئة التجارية، وفي الوقت نفسه، رد الرئيس التنفيذي لهونغ كونغ ، جون لي، على المخاوف المتزايدة بشأن الأمن القومي، معتبرًا أن هذه المخاوف هي جزء من “مقاومة ناعمة”.

ومنذ اندلاع الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في عام 2019 وتفشي فيروس كورونا، يعاني اقتصاد هونغ كونغ من تراجع في الإيجارات التجارية والتجزئة، مما أدى إلى زيادة في عدد المباني والمتاجر الشاغرة.

ومع تراجع عدد السياح، انخفضت قيمة مؤشر هانج سينج بأكثر من 40% منذ عام 2019، مما يعكس تحول في تفضيلات المستثمرين نحو الأسواق الأخرى مثل الهند وسنغافورة.

آراء الخبراء

قدم كيفن تسوي، كبير الاقتصاديين في شركة أورينتيس للأبحاث، تقييمًا متفائلًا بشأن مستقبل هونغ كونغ كمركز مالي دولي، مؤكدًا على ضرورة استفادتها من مزاياها الفريدة، مثل النظام الضريبي الميسر والتبادل الحر للعملات، بالإضافة إلى الاستقرار المالي الذي يوفره ارتباط الدولار الهونغ كونغي بالدولار الأمريكي.

 وأشار تسوي إلى أن الأجانب لا يزالون يرغبون في التعامل مع الصين حتى في حال كون هونغ كونغ جزءًا منها.

ومع ذلك، تعاني المدينة من هزة في الثقة، نتيجة لتباطؤ الاقتصاد الصيني وأزمة سوق العقارات، إذ يعتبر البر الرئيسي أكبر شريك تجاري لهونغ كونغ، ونصف الشركات المدرجة في سوق الأوراق المالية تعود إلى البر الرئيسي، ومع القيود الجديدة التي فرضتها بكين، تصبح عمليات الاكتتاب العام أكثر تعقيدًا، مما يؤثر على الثقة في السوق المالية.

على الرغم من مكانة هونغ كونغ البارزة كمركز مالي عالمي، إلا أن تقريرًا صناعيًا حديثًا أظهر أنها انخفضت إلى المركز الثامن في مجال الاكتتاب العام، وهو تطور يعكس التحديات التي تواجهها المدينة في ظل التغيرات الاقتصادية والسياسية الحالية.

وفي السياق ذاته أكد مصرفي أن توسيع الحكومة الصينية تدخلها في القطاع المالي، يدعوا إلى القلق بشأن تداعيات هذا التدخل على الحرية المالية والديناميكيات السوقية في هونغ كونغ، محذرًا من أنه إذا استمر هذا التدخل فإنه قد يؤدي في النهاية إلى تضرر السوق المالية.

اقرأ ايضاً : 

العلامات التجارية الأكثر ارتباطًا بشهر رمضان

التقنية تستأثر بحصة الأسد من استثمارات أكبر صندوق ثروة سيادي بالعالم

الوظائف الأكثر تأثرًا بالذكاء الاصطناعي