أحداث جارية سياسة

إيران وباكستان على صفيح ساخن.. هجمات وقصف متبادل

إيران باكستان

شنت كلا من إيران وباكستان خلال الأيام الماضية، هجمات متبادلة على أراضي كل منهما، في تصعيد غير مسبوق بين البلدين.

وتتوسط الدولتان منطقة حدوية مضطربة بامتداد 900 كيلو متر، والتي تقع بين مقاطعة بلوشستان الباكستانية من جهة ومقاطعة سيستان وبلوشستان الإيرانية من جهة أخرى.

ومنذ فترة طويلة، تشهد الدولتان مواجهات مع المسلحين الانفصاليين في منطقة بلوشستان، ولكنها المرة الأولى التي تهاجم فيها أي من البلدين المسلحين على أراضي جارتها.

وتأتي الهجمات وسط التوترات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، على خلفية الحرب متعددة الجبهات بين إسرائيل وحماس.

وكان حلفاء إيران ووكلاؤها في الشرق الأوسط تحت اسم “محور المقاومة” دخلوا على خط الصراع منذ أكتوبر الماضي، بحسب شبكة “سي إن إن“.

تفاصيل الأحداث

بدأت الأحداث بقصف إيراني على منطقة بلوشستان الباكستانية يوم الثلاثاء الماضي.

وقالت السلطات الباكستانية وقتها إن الاستهداف أسفر عن مقتل طفلين وإصابة آخرين.

ولكن إيران نفت استهداف أي مدنيين، وقالت إن المعلومات التي وردت إليها كانت بشأن إرهابيين.

وقالت وكالة أنباء تسنيم الإيرانية، إنها استهدفت معاقل جماعة جيش العدل السنية المسلحة، المعروفة في إيران باسم “جيش الظل”.

وتتمركز تلك الجماعة على الحدود بين البلدين، وتبنت في السابق عدة هجمات ضد أهداف إيرانية.

وتسعى الجماعة لاستقلال مقاطعة بلوشستان وسيستان الإيرانيتين.

لكن الهجمات أججت من غضب باكستان – ذات الأغلبية السنية، والتي وصفت الهجمات بأنها “انتهاك فاضح للقانون الدولي وروح العلاقات بين البلدين”.

ولم تتوان باكستان في الرد على الهجمات، إذ شنت بعد يومين ضربات عسكرية دقيقة ومنسقة على عدة مخابئ للانفصاليين المزعومين في سيستان وبلوشستان.

وأكدت وزارة الخارجية الباكستانية أن الضربات أسفرت عن مقتل عدد من المسلحين.

فيما قالت السلطات الإيرانية إن سبعة أشخاص (ثلاث نساء وأربعة أطفال) على الأقل قتلوا في سلسلة من الانفجارات.

وأوضحت باكستان أنها لفتت من قبل إلى الملاذات الآمنة التي يتخذها الانفصاليون على الحدود، وهو ما دفعها لتولي الأمور بنفسها.

هل تلك التوترات جديدة؟

على مر السنين، شهدت الحدود بين إيران وباكستان اشتباكات مسلحة ضد الانفصالين في كل منهما.

وخلال الشهر الماضي، اتهمت إيران مسلحي جيش العدل باقتحام مركز للشرطة في سيستان وبلوشستان، ما أدى إلى مقتل 11 ضابط شرطة إيرانيًا.

ولذلك فهذه التوترات الحدودية ليست جديدة، ولكن الجديد هو استعداد كل دولة لضرب أهداف لدى الأخرى دون تنسيق.

ووفق آراء الخبراء، فربما يكون العدوان الإسرائيلي على غزة شجع إيران على تنفيذ ضربات استباقية على أهداف خارج حدودها.

ويأتي ذلك في الوقت الذي يسيطر التأرجح على قرار على الولايات المتحدة، ما بين خفض التصعيد واستعراض قوتها لردع التحركات الإيرانية.

وفي اليوم السابق للهجوم الإيراني، أطلقت طهران صواريخ باليستية على العراق وسوريا.

وبررت ذلك بأنها تستهدف قاعدة تجسس للقوات الإسرائيلية والقوات “المناهضة لإيران”.

وعلى الناحية الأخرى يستمر العدوان الإسرائيلي على غزة الذي يدخل بعد أسابيع شهره الرابع.

ويتزامن أيضًا مع الهجمات التي تشنها جماعة حزب الله الإيرانية في لبنان، على الحدود مع الأراضي المحتلة.

وفي مشهد آخر، تستمر جماعة الحوثيين في إحكام سيطرتها على البحر الأحمر، واستهداف السفن الإسرائيلية.

نزعة استقلالية

يسعى شعب بالوشستان منذ فترة إلى الاستقلال، بسبب الاستياء من حكم إسلام أباد وطهران.

وشهدت المنطقة الحدودية الواقعة بين باكستان وإيران ظهور حركات متمردة.

وتُعد تلك المنطقة غنية بالموارد الطبيعية، ولكن في نفس الوقت فسكانها يعيشون في فقر شديد، ولا يحصلون إلا على فتات من قيمة هذه الثروة.

وخلال السنوات الأخيرة قاد المتمردون في بلوشستان الباكستانية هجمات مميتة، اعتراضًا على احتكار الدولة للموارد المعدنية في المنطقة.

وعلى الناحية الأخرى، شهدت إيران تاريخًا طويلًا من حركات التمرد البلوشية والعربية والكردية.

خلافات دبلوماسية

أثارت الضربات الإيرانية يوم الثلاثاء خلافا دبلوماسيًا، حيث استدعت باكستان سفيرها من إيران وعلقت جميع الزيارات رفيعة المستوى من جارتها.

وبعد الضربات الباكستانية، طلبت إيران يوم الخميس “تفسيرا فوريا” من جارتها، حسبما ذكرت وكالة تسنيم.

من ناحيتها قالت الهند إنها لا تتسامح مطلقًا مع الإرهاب، بينما شددت الصين على ضرورة ضبط النفس وتجنب التصعيد.

بدورها، أعلنت واشنطن على لسان المتحدث باسم وزير خارجيتها، مات ميلر، إنها تعمل على انزلاق الشرق الأوسط إلى صراع واسع.

واتهمت وزارة الخارجية الأمريكية إيران بانتهاك الحدود السيادية لثلاثة من جيرانها خلال الأيام الماضية.

ولكن يبدو أن الطرفين لا يرغبان في تصعيد الأمور، إذا أصدر كلا منهما بيانات أكدت فيها ذلك.

ووصفت باكستان إيران في أحد البيانات بالدولة الشقيقة، وشددت على ضرورة إيجاد حلول مشتركة.

فيما وصف وزير الخارجية الإيراني، باكستان بأنها “دولة صديقة” في وقت سابق من هذا الأسبوع، وقال إن ضرباتها كانت متناسبة واستهدفت المسلحين فقط.

اقرأ أيضًا:
الإخوان المسلمون طرف.. “بنزيما” يرفع دعوى تشهير ضد وزير فرنسي
لماذا لا يصاب الجميع باضطراب ما بعد الصدمة؟
لماذا تعتبر الصمامات كابوسًا لمهندس المركبة الفضائية؟