سيكون الهدف الرئيسي للهجمات التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا ضد جماعة الحوثي المدعومة من إيران في اليمن هو التأكد من أن العملية، بصرف النظر عن ردع المزيد من الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، لن تؤدي إلى تصعيد كبير للأعمال العدائية في الشرق الأوسط، حسب تقرير لصحيفة “ذا تليجراف” البريطانية.
ومنذ أن شنت حماس، هجوم السابع من أكتوبر على الاحتلال الإسرائيلي، كان أحد الاعتبارات الرئيسية بالنسبة لصناع القرار السياسي الغربي هو أن الصراع في غزة لن يتطور إلى حرب أوسع في الشرق الأوسط.
حاملات الطائرات
ولهذا السبب، في أعقاب هجمات حماس مباشرة، نشرت إدارة بايدن مجموعتين قتاليتين من حاملات الطائرات في المنطقة لردع إيران عن استخدام شبكتها من وكلائها في المنطقة، بما في ذلك الحوثيين، من السعي لمزيد من الاستفزاز.
وحتى الآن نجحت هذه السياسة، حسب تقرير الصحيفة البريطانية، وبينما يشن حزب الله، الحليف الرئيسي لإيران في جنوب لبنان، هجمات متفرقة ضد شمال إسرائيل، وتهاجم الميليشيات المدعومة من إيران في سوريا والعراق قواعد أمريكية، فقد ثبت أن المخاوف من حدوث تصعيد كبير في الصراع في غزة لا أساس لها من الصحة، حسب ما تزعم “ذا تليجراف”.
المنطقة الوحيدة التي نجحت فيها إيران وحلفاؤها في إحداث أي تأثير كبير كانت في البحر الأحمر، حيث قام الحوثيون، الذين يعتمدون بشكل كبير على طهران للحصول على المعدات العسكرية، بتكثيف هجماتهم تدريجياً على السفن التجارية التي تدخل قناة السويس.
في البداية، ادعى الحوثيون، الذين أعلنوا الحرب ضد إسرائيل بعد أن شنت قوات الاحتلال عدوانها على غزة، أنهم لن يهاجموا سوى السفن المتجهة إلى الدولة العبرية. لكن في الأسابيع الأخيرة، امتدت هجماتهم لتشمل سفن شحن أخرى، وخاصة الشحنات المتجهة إلى أوروبا والولايات المتحدة.
وهذا التكتيك عبارة عن محاولة متعمدة لتعطيل الاقتصاد الغربي من خلال إرغام شركات الشحن على إعادة توجيه عملياتها حول رأس الرجاء الصالح، مما يؤدي إلى تكبد تكاليف إضافية وربما تغذية ارتفاع تضخمي آخر، حسب ما تقول “تليجراف”.
وبينما شاركت السفن الحربية الأمريكية والبريطانية والفرنسية في السابق في اعتراض هجمات الحوثيين الصاروخية والطائرات بدون طيار في البحر الأحمر، فإن محاولة الحوثيين المتعمدة لاستهداف السفن الحربية الأمريكية والبريطانية العاملة في المنطقة ليلة الثلاثاء، كانت القشة الأخيرة.
وردت القوات الأمريكية والبريطانية بضرب أكثر من 70 هدفا في 16 موقعا بهدف تدمير القواعد ومستودعات الأسلحة والموانئ التي يستخدمها الحوثيون لشن هجماتهم.
تحذيرات شديدة
وكما كان متوقعاً، أثارت العملية تحذيرات شديدة من الحوثيين وحلفائهم من عواقب وخيمة. ويقول المسؤولون الحوثيون إنه سيكون هناك “انتقام شديد”، في حين زعمت إيران، التي ساعدت في تدريب المسلحين الحوثيين المسؤولين عن تنفيذ هجمات البحر الأحمر، أن هذا الإجراء من شأنه أن يؤجج “انعدام الأمن وعدم الاستقرار” في المنطقة.
ولكن في حين أن الحوثيين والميليشيات الإيرانية الأخرى في المنطقة سيسعون بلا شك إلى الرد على العمل العسكري الذي بدأته الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، فمن غير المرجح أن يؤدي ذلك إلى تصعيد أوسع لأن إيران، التي تسيطر في النهاية على عملياتهم، ولا رغبة في الدخول في مواجهة مباشرة مع الغرب.
ومن الجدير بالذكر أن الحرب بالوكالة التي تشنها إيران ضد الغرب وحلفائه تسبق هجمات 7 أكتوبر بفترة طويلة. على سبيل المثال، شاركت القوات الأمريكية المتمركزة في الشرق الأوسط بانتظام في اشتباكات ضد الميليشيات المدعومة من إيران في أماكن مثل سوريا والعراق.
وفي واحدة من أبرز الحوادث التي وقعت في يونيو 2021، وجهت الطائرات الحربية الأمريكية غارات جوية ضد مجموعات الميليشيات المدعومة من إيران بالقرب من الحدود السورية العراقية بعد أن هاجمت منشآت التخزين الأمريكية.
ومن الجدير بالذكر أيضاً أن الإجراء الأمريكي لم يتسبب في تصعيد كبير في الأعمال العدائية بين واشنطن وطهران، لأسباب ليس أقلها أن الإيرانيين، ليس لديهم أي نية لإثارة حرب مباشرة مع الغرب.
وسوف تتبنى إيران موقفاً مماثلاً في أعقاب هجمات اليمن، وهو ما يفسر رد فعل طهران الخافت إلى حد ما على الإجراء الأمريكي والبريطاني، حيث يشكو المسؤولون من أن الهجمات تمثل “انتهاكاً واضحاً لسيادة اليمن وسلامة أراضيه” دون الإشارة إلى أي تدخل عسكري واضح.
وسيظل هذا هو الحال طالما لم تحاول طهران فتح جبهة أخرى، مثل استهداف الشحن في مضيق هرمز، المدخل الضيق للخليج الذي يعد نقطة وصول رئيسية لإمدادات الطاقة العالمية، حسب الصحيفة البريطانية.
اقرأ أيضاً:
هل يؤدي سوء التقدير بين أمريكا وإيران إلى حرب إقليمية في الشرق الأوسط؟
العراق بين سندان أمريكا ومطرقة إيران.. هل تنجرّ لحرب جديدة؟
من هي الإيرانية “أرميتا جيرافاند” التي تركتها شرطة الأخلاق ميتة دماغيًا؟