سياسة

أحفاد مانديلا يواصلون دعم جنوب أفريقيا التاريخي للقضية الفلسطينية

جنوب أفريقيا القضية الفلسطينية

على مدار أكثر من 3 عقود، كانت جنوب أفريقيا واحدة من أبرز الدول المناصرة للقضية الفلسطينية.

وجمعت الرئيس السابق لجنوب أفريقيا نيلسون مانديلا، والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات علاقة قوية منذ عام 1990.

وربما جاءت هذه العلاقة مدفوعة بشعور كلا الرجلين بنضال شعبيهما من أجل الحرية، وفق ما أوردته وكالة أسوشيتدبرس.

وبعد نحو 33 عامًا، تُعيد جنوب أفريقيا إحياء هذا الدعم من خلال خطوة تاريخية، كان لها السبق فيها من بين دول العالم.

وقامت جنوب أفريقيا منذ أيام برفع قضية إبادة جماعية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية.

ودفعت جنوب أفريقيا بما قام به الاحتلال الإسرائيلي من قصف متواصل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي.

وأسفرت الهجمات على غزة عن مقتل أكثر من 23,300 فلسطيني، ثلثاهم من النساء والأطفال، وفقًا لوزارة الصحة في غزة.

الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، يعانق رئيس جنوب أفريقيا السابق نيلسون مانديلا، في اجتماع في جوهانسبرغ يوم الخميس 3 مايو 2001.

دعم تاريخي

بالنظر إلى جنوب أفريقيا سنجد أنها دولة لا تتمتع بثقل دبلوماسي، كما أنها بعيدة جغرافيًا عن فلسطين.

ولكن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الذي قاده مانديلا، بعد أن كان مجرد حركة تحرير مناهضة للفصل العنصري، احتفظ بموقفه المؤيد للقضية الفلسطينية.

واستمر هذا التأييد حتى بعد وفاة مانديلا في عام 2013.

وما أكد هذا الدعم هي تصريحات حفيد مانديلا، ماندلا، التي قالها في أكتوبر الماضي في أعقاب الهجمات الإسرائيلية على غزة.

وقال ماندلا وقتها: لقد وقفنا مع الفلسطينيين وسنواصل الوقوف مع إخواننا وأخواتنا الفلسطينيين”.

وظهر ماندلا أمام حشد ضخم وهو يضع الكوفيه الفلسطينية باللونين الأبيض والأسود حول رقبته.

طفل فلسطيني يحمل شمعة مضاءة وهو يصلي أمام ملصق لزعيم جنوب أفريقيا الراحل نيلسون مانديلا، خلال قداس خاص على شرفه في كنيسة العائلة المقدسة، في مدينة رام الله بالضفة الغربية

حرية مشتركة

ربط مانديلا دائمًا بين معاناة ونضال الشعب في جنوب أفريقيا، ونظيره في فلسطين، وأثار القضية الفلسطينية دائمًا في أحاديثه.

وعندما تم انتخاب مانديلا رئيسًا في انتخابات تاريخية متعددة الأعراق عام 1994، والتي جاءت بعد 3 سنوات من تفكيك نظام الفصل العنصري وحكم الأقلية البيضاء، لم ينس فلسطين.

وقال مانديلا بعد شكره المجتمع الدولي آنذاك: “لكننا نعلم جيدًا أن حريتنا غير مكتملة بدون حرية الفلسطينيين”.

ودائمًا ما كانت تتم الإشارة إلى القضية الفلسطينية من قبل مانديلا، وغيره من قادة جنوب أفريقيا من بعده في إطار الاضطهاد.

وكثيرًا ما كانت تتم الإشارة إلى القيود التي فرضتها إسرائيل على الفلسطينيين، وتشبيهها بمعاملة السود في أفريقيا خلال الفصل العنصري.

وجاء ذلك خصوصًا بعد دعم الحكومة الإسرائيلية لحكومة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وإقامة علاقة عسكرية معها حتى منتصف ثمانينيات القرن الماضي.

ولطالما انتقد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي إسرائيل ووصفها بأنها “دولة فصل عنصري”، حتى قبل الحرب الحالية.

وكان الفصل العنصري من بين الاتهامات التي وجهتها جنوب أفريقيا إلى إسرائيل أمام العدل الدولية.

ولكن إسرائيل ترفض هذا التوصيف، وتزعم بأن الأقلية العربية لديها تتمتع بحقوق مدنية كاملة.

وفي حين أن مانديلا خاض محاولات متواصلة لإحلال السلام في فلسطين، إلا أن الخطاب في جنوب أفريقيا اتسم بمعاداته لإسرائيل.

وامتد هذا العداء للحياة اليومية، وكان أبرزها ضغط جناح الشباب في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي على سلاسل متاجر البقالة في جنوب إفريقيا لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية.

وهدد الحزب بإغلاق المتاجر إذا لم تمتثل لهذا الضغط.

حفيد نيلسون مانديلا ماندلا، في الوسط، مع مسؤول حماس باسم نعيم، في الوسط على اليمين، خلال مسيرة لإحياء الذكرى العاشرة لوفاة مانديلا

تجدد التضامن

منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة، تصاعد التضامن الجنوب أفريقي مرة أخرى مع غزة.

وشهدت كيب تاون مسيرات حاشدة لآلاف المنددين بالقصف الإسرائيلي للقطاع.

وانتقد رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا – الزعيم الحالي لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي – كلاً من إسرائيل وحماس بسبب ما وصفه بالفظائع التي ارتكبها كل من الطرفين.

وعلى الرغم من ذلك، ظهر رامافوزا علنًا وهو يرتدي الكوفية ويحمل العلم الفلسطيني.

ولم يقتصر الأمر على الخطابات العادية، بل إنه ارتدى الكوفية خلال تقديمه التعازي لإسرائيل في وفاة ضحاياها.

وهذا الموقف يؤكد طبيعة المشاعر التي تكنها جنوب أفريقيا لدولة الاحتلال.

فلسطينيون يقفون أمام تمثال لرئيس جنوب أفريقيا الراحل نيلسون مانديلا، في مدينة رام الله بالضفة الغربية.

ارتباط متبادل

استمر الارتباط التاريخي بين المسؤولين في نوب أفريقيا وفلسطين حتى بعد وفاة مانديلا.

وخلال الشهر الماضي استضاف مسؤولي المؤتمر الوطني الأفريقي، بما في ذلك ماندلا مانديلا، ثلاثة مسؤولين من حركة حماس.

وحضر المسؤولون مراسم إحياء الذكرى العاشرة لوفاة نيلسون مانديلا أمام تمثال له في مقر الحكومة.

في المقابل، احتشد الفلسطينيون في رام الله بالضفة الغربية حول تمثال آخر لمانديلا، عشية إجراءات المحكمة يوم الأربعاء.

ولوح الجمع بأعلام فلسطين وجنوب أفريقيا وحملوا لافتات كتب عليها: “شكرا جنوب أفريقيا”.

اتهامات بالنفاق

في الوقت الذي قوبلت فيه خطوة جنوب أفريقيا باتهام إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بالترحيب، واجهت انتقادات واتهامات بالنفاق من نواح أخرى.

وقال البعض إن جنوب أفريقيا نفسها رفضت الامتثال إلى قرارت محكمة العدل الدولية، عندما رفضت اعتقال الرئيس السوداني السابق عمر البشير في 2015.

وكانت المحكمة أصدرت آنذاك مذكرة توقيف بحق البشير، في مزاعم بارتكابه جرائم إبادة جماعية.

من ناحية أخرى، تحتفظ جنوب أفريقيا بعلاقات قوية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وهذه العلاقة تواجه انتقادات منذ أن بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا، وبعد اتهام المحكمة الدولية لبوتين بارتكاب جرائم حرب.

اقرأ أيضاً :
وائل الدحدوح.. 3 ضربات لكتم صوت غزة
يتامى القنبلة النووية.. أطفال في مهب التشرّد والموت
قبل الانتخابات.. حقائق يجب معرفتها عن العلاقات بين تايوان والصين