تقنية علوم

كيف يمكن للمحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي أن يقوض مهاراتك في التفكير؟

الذكاء الاصطناعي

أصبح المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي شائعًا بشكل متزايد، وتشير التوقعات إلى أنه يمكن إنشاء ما يصل إلى 90% من المحتوى بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2026.

غير أن الكثير من هذا المحتوى عبارة عن معلومات خاطئة أو مضللة، مما يثير مخاوف بشأن التأثير المجتمعي للذكاء الاصطناعي.

وحذر تقرير صادر عن  وكالة إنفاذ القانون الأوروبية “يوروبول”، في وقت سابق من هذا العام من أن “ما يصل إلى 90% من المحتوى عبر الإنترنت قد يتم إنشاؤه بشكل صناعي بحلول عام 2026″، في إشارة إلى “الوسائط التي يتم إنشاؤها أو التلاعب بها باستخدام الذكاء الاصطناعي”، وهو ما يطرح سؤالاً، هو إلى أي مدى سيؤثر ذلك على مهارات التفكير النقدي لدى الأشخاص؟

تقويض مهاراتك في التفكير

في حين أن العديد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تدعم التنمية البشرية والرفاهية وتوفر ميزات عديدة، فإنه يتم استخدام الذكاء الاصطناعي أيضًا لتوليد مجموعات كبيرة من المعلومات الخاطئة والمضللة – سواء المكتوبة أو المستندة إلى الصور أو الفيديو – في محاولة لإرباك الروايات، ما يؤدي إلى تغيير الرأي العام والتلاعب بالسكان وتحويل التركيز بعيدًا عن الأخبار الملحة.

لقد كان لتقنيات الذكاء الاصطناعي بالفعل تأثير مباشر على السكان، بدءًا من أعمال الشغب في 6 يناير إبان الانتخابات الرئاسية الأمريكية الماضية، وحتى التأخير في طلب الرعاية الصحية بسبب المعلومات الصحية الخاطئة. ووفقا لدراسة نشرتها منظمة الصحة العالمية، فإنه “من بين مقاطع الفيديو على اليوتيوب حول الأمراض المعدية الناشئة، وجد أن 20 إلى 30% تحتوي على معلومات غير دقيقة أو مضللة”.

تم تصميم الذكاء الاصطناعي بشكل شائع للعمل من خلال الاستفسارات البشرية، ويعمل بعض منشئيه على تقليل احتمالات الاستخدام الشائن. ولكنها غير معصومة من الخطأ، وقد أظهرت العديد من الدراسات التي أجريت على منصات مثل ChatGPT كيف يمكن توجيهها للتغلب على ضماناتها على وجه التحديد. بالنسبة للكثيرين، يثير هذا قلقًا كبيرًا، ويحذر بعض الخبراء من أن مهارات التفكير النقدي تظل أولوية قصوى لحماية قدراتنا العقلية.

قام علماء النفس في جامعة كامبريدج مؤخرا بتطوير أول “اختبار حساسية المعلومات الخاطئة” (MIST)، والذي يسلط الضوء على درجة تعرض الفرد للأخبار المزيفة. كان أداء الأمريكيين الأصغر سنا (أقل من 45 عاما) أسوأ من الأمريكيين الأكبر سنا (أكثر من 45 عاما) في اختبار المعلومات الخاطئة، حيث حصلوا على 12 من 20 درجة بشكل صحيح، مقارنة بـ 15 من 20 لكبار السن. وكان هذا مرتبطًا جزئيًا بمقدار الوقت الذي تقضيه في استهلاك المحتوى عبر الإنترنت، مما يشير إلى أهمية الطريقة التي تقضي بها وقتك الترفيهي.

القلق إزاء المعلومات الخاطئة

ويواصل تقرير يوروبول بتحذير صارخ: “على أساس يومي، يثق الناس في تصوراتهم الخاصة لتوجيههم وإخبارهم بما هو حقيقي وما هو غير حقيقي… غالبًا ما يتم التعامل مع التسجيلات الصوتية والمرئية لحدث ما على أنها رواية صادقة لحادث ما”. ولكن ماذا لو كان من الممكن إنشاء هذه الوسائط بشكل مصطنع، وتكييفها لإظهار أحداث لم تحدث مطلقًا، أو تحريف الأحداث، أو تشويه الحقيقة؟

وفقاً لاستطلاع أجرته مجلة Forbes Advisor، فإن 76% من المستهلكين يشعرون بالقلق إزاء المعلومات الخاطئة الصادرة عن الذكاء الاصطناعي، ويعتقد 56% فقط أنهم قادرون على معرفة الفرق. وفي الوقت نفسه، تسلط دراسة أجرتها شركة Public First في المملكة المتحدة الضوء على المواقف تجاه الذكاء الاصطناعي، حيث حددت أن هذا الموقف يعتمد على التطبيق المحتمل للذكاء الاصطناعي. ووجدوا أن الجمهور يميل إلى دعم تطبيقات مثل الإنذار المبكر للتدخل الطبي أو الكشف عن الاحتيال في نظام الرعاية الاجتماعية، لكنهم لا يدعمون استخدام الذكاء الاصطناعي لاتخاذ القرار أو تقديم المشورة عندما يتعلق الأمر باكتشاف الذنب، سواء في مجرم أو السياق العسكري.

تشجع الكثير من أدوات التفكير النقدي الحالية الأفراد على استخدام تقنيات التفكير الجانبي، حيث نسعى بنشاط للحصول على معلومات من مصادر متعددة، أو توظيف تقنيات مثل التفكير العكسي، حيث نسعى بنشاط للحصول على معلومات تتعارض مع وجهات نظرنا الخاصة. ومع ذلك، ما يتبقى قياسه هو مدى فعالية هذه الأدوات في مشهد المحتوى الذي يصل إلى 90 بالمائة من إنتاج الذكاء الاصطناعي والذي يمكن نشره وإعادة إنتاجه عبر آلاف المواقع الإلكترونية بشكل جماعي.

وبالتالي، فإن الأمر الأساسي هو أن نزود أنفسنا بأدوات تعتمد على التحقق من المعلومات، مثل: التأكد من أننا نفهم الإحصائيات. وهذا يعني معرفة الكثير عما لا يقولونه بقدر ما يعرفون ما يفعلونه، وتحديد قاعدة الأدلة ومنها: ما هي الأسس التي يستند إليها المحتوى، وكيف تم إنشاء البحث، وهل هو موثوق؟

بالإضافة إلى فهم السياق، علماً بأن إحدى الأدوات الرئيسية في المعالجة هي تطبيق المعلومات خارج سياقها المقصود، لذلك يجب معرفة كيف جاءت المعلومات في مصدرها الأصلي، وفي أي سياق وردت، وكيف تم تغييرها؟

ويجب عليك دائماً البقاء متشككًا، ولكن ليس متشككًا جدًا. نحن بحاجة إلى التساؤل عما يقال لنا، ولكن من المفارقات، كما أبرزت دراسة MIST، أن توقع أن يكون كل شيء مزيفًا يمكن أن يزيد من صعوبة اكتشاف المنتجات المزيفة الفعلية. إن البقاء منفتح الذهن سيكون أمرًا أساسيًا.

اقرأ أيضاً:

أبرز مشاكل الذكاء الاصطناعي التوليدي

كيف يساهم الذكاء الاصطناعي في حل أزمة المناخ؟

كيف يرسم الذكاء الاصطناعي مستقبل علم الجينات؟