مرّت 75 سنة على إعلان قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي عام 1948، والذي تضمن نصًّا يدعو إلى وضع دستور لها، من قبل الكنيست المنتخب الأول في 1949، ولكن بعد كل هذه المدة الطويلة لم يتم تنفيذ ما جاء في الوثيقة، ويبقى هذا الكيان بدون “قانون أعلى لا يمكن تغييره”، فما السبب؟
مبرّرات الاحتلال لعدم وضع دستور
حصلت الجمعية الدستورية في دولة الاحتلال على سلطة لصياغة الدستور وسن القوانين في عام 1949، لكن العملية تأجّلت لعدد حجج، أهمها الادعاء بأن معظم الشعب اليهودي لم يأت بعد، وهو ما فتح الباب أمام زعم أن الدوائر الانتخابية غير مكتملة.
حينها، ادعى بعض الإسرائيليين أن ما ورثته دولة الاحتلال من المحتل السابق لفلسطين كاف، في إشارة إلى النظام البريطاني الذي ليس لديه دستور مكتوب، إذا تعتمد المملكة البريطانية على مجموعة من الوثائق المعادلة للدستور.
ومن بين الأسباب التي روّجت لتأجيل كتابة دستور لدولة الاحتلال في العقود الأولى من تأسيسها هو وجود ما وُصف بـ “ألتهديدات الوجودية والأعداء المتربصين”.
رأى الإسرائيليون أن الدستور سيفرض قيودًا على السلطة التنفيذية في مواجهة هذه التهديدات التي لم يسمّوها.
وتشمل الأسباب التي استند إليها قادة الاحتلال في عدم وضع دستور أن هذا النظام سيحدّد العلاقة بين الدين والدولة، وسيتعين عليه الإجابة عن أسئلة مثل: هل إسرائيل دولة يهودية؟ أم علمانية ذات أغلبية يهودية وأقليات من ديانات أخرى؟
تهرّب قادة الاحتلال من وضعه لاعتقادهم أنه سيؤدي إلى خلاف كبير بين المتدينين والعلمانيين، خاصة مع تبني الطرف الأول لفكرة اعتماد التوراة للتشريع.
وحقق هذا الإجراء مجموعة من المكاسب لدولة الاحتلال، إذا احتفظوا بالموقف الغامض فيما يتعلق بحق المواطنة، والتهرب من الاعتراف بحل مسألة من يعرفون باسم عرب إسرائيل، وما إذا كانت لديهم حقوق المواطن اليهودي نفسها أم لا.
ومن جهة أخرى، ساعد عدم وجود دستور لدولة الاحتلال في تلافي تحديد حدود لها، فسمح ذلك لها بضم المزيد من الأراضي الفلسطينية، وعدم الاعتراف بحق الفلسطينيين في رسم حدود دولتهم.
بديل الدستور
حاول الكنيست الإسرائيلي تجنب كل الأزمات المتعلقة بالدستور عبر سن ما يعرف بقوانين الأساس، وهي 14 قانونًا صدرت عام 1950.
تركز قوانين الأساس على تأكيد هوية الدولة اليهودية وحق جميع اليهود بالهجرة إلى إسرائيل، وتعرّف الاستيطان بأنه قيمة وطنية يجب تشجيعها وتعزيزها.
ورغم ذلك، تسبب غياب الدستور في خلافات حادة حول طبيعة العلاقة بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.
تعد المحكمة العليا في دولة الاحتلال صاحبة القول الفصل فيما يتعلق بأي نزاع قانوني، فيما طرحت حكومة نتنياهو مطلع 2023 مخططًا لما وصفته بإصلاح القضاء.
وواجه مخطط رئيس الوزراء الحالي لدولة الاحتلال انتقادات واسعة بسبب تقييده لسلطة المحكمة العليا وإضعاف قدرتها على مراجعة القوانين.
اقرأ أيضاً:
كيف تحول البطيخ إلى رمز تاريخي لفلسطين؟
الهند تمنع الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين.. لماذا؟
رئيس الحكومة البريطانية يقيل وزيرة الداخلية.. والسبب فلسطين