وجد الخبراء أن معظم الناس لا يعتبرون أنفسهم مجرمين، ولكنهم لا يدركون أن نصف الأشخاص لديهم القدرة على ارتكاب جرائم عنيفة في مواقف الحياة اليومية، إذ تشير نظرية جديدة للدكتورة إيفلين سفينجن، الأستاذة المساعدة في علم الجريمة بجامعة برمنجهام، إلى أن جميع البشر مستعدون بيولوجيًا لارتكاب الجرائم عندما يتم تحفيزهم في الظروف المناسبة، وخلصت إلى أن البشر ميّالون إلى السعي للانتقام عندما يشعرون أنهم أو غيرهم تعرضوا للظلم، ويشعرون بأن لهم ما يبرر الانتقام، حتى لو كان ذلك يعني خرق القانون.
سلسلة تجارب
في سلسلة جديدة من التجارب، سُئل حوالي 1000 مشارك عما إذا كانوا سيدفعون أو يلكمون شخصًا غريبًا، أو يسرقون محفظة، في عدد من المواقف اليومية الافتراضية،؛ في السيناريو الأول، طُلب منهم أن يتخيلوا أن امرأة اصطدمت بهم في محطة للحافلات، مما أدى إلى إصابة ذراعهم، وقالت الغالبية العظمى في البداية إنها لن تلجأ إلى العنف. ولكن إذا لم تعتذر المرأة، وبدلاً من ذلك دفعت الشخص بعيدًا عن الطريق، فقد قال أكثر من ثلثهم إنهم سيدفعون المرأة أو يلكمونها.
وبالمثل، في سيناريو ملهى ليلي، إن اتُهم أحد المشاركين بتجاوز الطابور، وطرح على الأرض ووُصف بأنه “أحمق أخرق”، قال 47 في المائة من المشاركين إنهم سيلجأون إلى العنف – الدفع أو اللكم انتقاما.
وفي سيناريو آخر، حيث يسقط شخص غريب محفظته مع ظهور أموال، قالت الغالبية العظمى (98.9%) من المشاركين في الأصل إنهم سيعيدونها، ومع ذلك، إذا كان الشخص الغريب قد تجاوزهم في وقت سابق، ووقف على أقدامهم ودفعهم بعيدًا عن الطريق، فإن ثلثهم قال إنهم سيحتفظون بالمال.
الاستعداد البيولوجي للجريمة
تقول الدكتور سفينجن: “نحن جميعًا مهيئون بيولوجيًا لارتكاب الجرائم اعتمادًا على تفسيرنا الشخصي للموقف والبيئة، لذا فهي توضح أن ” النظرية القائلة بأن كل شخص سوف يرتكب جريمة في ظل الظروف المناسبة لا تعني أن “كل الناس أشرار” موضحة أنه “في الواقع، على الرغم من احتمال وجود بعض الحالات الشاذة والقيم المتطرفة، فإن النظرية تشير في الواقع إلى أن الناس – بشكل أساسي – لطفاء، ولن يرتكبوا جرائم دون هذه التأثيرات البيئية”.
يعود الانتقام كدافع للجريمة إلى آلاف السنين، عندما أشار أرسطو إلى أنه يمكن اعتباره رادعًا للتأكد من أن الجاني الذي أساء إلينا لن يفعل ذلك مرة أخرى في المستقبل، لكن الدراسة أظهرت أيضًا أنه يمكن تجنب المواجهات العنيفة أو الإجرامية من خلال اعتذار الأشخاص عن السلوك السيئ ومحاولة التعويض.
على سبيل المثال، في سيناريو محطة الحافلات، إذا اعتذرت المرأة عن سلوكها، وعرضت مقعدها كتعويض، فإن عدد الأشخاص الذين يلجأون إلى العنف انخفض إلى الصفر، وبالمثل، في حالة الملهى الليلي، أدى الاعتذار والتفسير إلى انخفاض عدد المشاجرات العنيفة من 47 في المائة إلى 1 في المائة فقط، مما يدل على أن الندم يمكن أن يمنع الجريمة أو العنف.
نظرية تطورية للجريمة
تشير الدكتور سفينجن إلى أن البحث أظهر أن البشر يستجيبون للطف باللطف والعداء بالعداء، وفي ظل الظروف المناسبة لن يرتكب أحد جرائم، وأضافت: “هذه هي المحاولة الأولى التي نعرفها لخلق نظرية تطورية للجريمة، وقد أوضحت أن “هذا لا يعني أن هذا هو السبب الوحيد الذي يجعل الناس يرتكبون الجرائم، بل سيكون هناك أشخاص متطرفون قد يكونون مدفوعين بأسباب أنانية بحتة، وستكون هناك عوامل أخرى تلعب دورًا أيضًا، لأن البشر كائنات معقدة.
القضاء على الجريمة
وجدت إحدى النتائج الإيجابية هي أنه من الممكن نظريًا خلق بيئة نقضي فيها على الجريمة، وذلك بحسب سفيجن “من خلال إنشاء مجتمع عادل حقًا، يتمتع بالفرص للجميع والاستثمار الجيد في خدماتنا العامة، مثل المدارس والخدمات الاجتماعية، حينها يمكننا اتخاذ خطوات ذات معنى نحو تغيير المفاهيم عن مجتمعنا وتؤدي إلى الحد من الجريمة.” وقد ونشرت النتائج في كتاب جديد بعنوان “علم الجريمة التطوري والتعاون”.