سياسة

بالأرقام.. أحدث إحصائيات النزوح القسري في العالم

تقدم النسخة الأحدث من التقرير الصادر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين في يونيو 2023، نظرة شاملة على النزوح القسري في العالم. يتضمن هذا التقرير أحدث الإحصاءات الرسمية لعدد اللاجئين، وطالبي اللجوء، والنازحين داخلياً، والأشخاص عديمي الجنسية، بالإضافة إلى عدد اللاجئين الذين عادوا إلى بلدانهم الأصلية.

يتم نشر التقرير مرة واحدة في السنة وتتناول معلوماته الأحداث والتطورات التي وقعت في العام السابق. تعتمد الأرقام المذكورة في التقرير على بيانات تم توفيرها من قبل الحكومات والمنظمات غير الحكومية والمفوضية. ويعد التقرير مصدرًا هامًا لفهم حجم وأبعاد التحديات المتعلقة بالنزوح القسري على مستوى العالم، ويساهم في توجيه السياسات واتخاذ القرارات في هذا الصدد.

النزوح القسري العالمي

مع نهاية عام 2022، اضطر 108.4 مليون شخصًا حول العالم للنزوح قسرًا نتيجة الاضطهاد والصراع والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان والأحداث المخلة بالنظام العام. مثل ذلك زيادةً سنويةً تبلغ 19 مليون شخصٍ مقارنةً بنهاية عام 2021 – أي أكثر من عدد سكان الإكوادور أو هولندا أو الصومال – كما أنه هذه الزيادة تعد الأكبر على الإطلاق بين عامين متلاحقين حسب إحصائيات المفوضية، إذ اضطر أكثر من شخصٍ واحد بين كل 74 شخصاً من سكان الأرض للنزوح قسراً.

النزوح القسري الجديد في عام 2022

يواجه العالم تحديات كبيرة جراء الصراعات المستمرة والناشئة التي تجبر الكثير من الأشخاص على النزوح. ففي فبراير 2022، اجتاح الاتحاد الروسي أوكرانيا بشكل واسع، مما أدى إلى واحدة من أكبر أزمات النزوح منذ الحرب العالمية الثانية. وبحلول نهاية عام 2022، بلغ عدد الأوكرانيين النازحين قسرًا 11.6 مليون شخص، بما في ذلك 5.9 مليون شخص نزحوا داخل حدود بلادهم و5.7 مليون شخص اضطروا للفرار إلى الدول المجاورة ودول أخرى.

كما تستمر الصراعات وحالات عدم الأمن في مناطق أخرى من العالم أو تتجدد، مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا وميانمار. وفي هذه الدول، اضطر أكثر من مليون شخص للنزوح جراء الظروف الصعبة والصراعات المستمرة.

عدد اللاجئين حول العالم

تم تسجيل زيادة كبيرة في عدد اللاجئين حول العالم، إذ ارتفع من 27.1 مليون في عام 2021 إلى 35.3 مليون شخصًا بحلول نهاية عام 2022، وهذه الزيادة تعد الأكبر في السجلات الإحصائية، والتي تعزى بشكل رئيسي إلى هروب الأوكرانيين من الصراع المسلح في بلادهم.

ومن بين اللاجئين، يشكل الأشخاص الذين يحتاجون للحماية الدولية 52%، منهم بشكل أساسي ثلاث دول وهي، وهي سوريا (6.5 مليون) وأوكرانيا (5.7 مليون) وأفغانستان (5.7 مليون).

النازحون داخليًا

وعلى صعيد النازحين داخليًا، فإن معظم الأشخاص الذين يضطرون للفرار لا يتجاوزون حدود بلادهم، بل يبقون داخل أراضيها، ويُعرفون باسم “النازحين داخليًا”، ويمثلون 58% من إجمالي عدد الأشخاص النازحين قسرًا. فيما لسوريا نصيب الأسد من عدد النازحين داخليًا، إذ بلغ عددهم 6.8 مليون شخصًا، مما يعني أن ثلث السكان الباقين في سوريا لا يزالون نازحين داخليًا بعد مرور أكثر من عقد على اندلاع الصراع في البلاد.

النزوح في سياق الكوارث

إضافة إلى الصراعات والعنف، قد يضطر السكان أيضًا للنزوح داخل بلدانهم نتيجة للكوارث الطبيعية مثل الزلازال والبراكين والفيضانات وغيرها. وخلال العام الحالي، تشير التقارير إلى حدوث 32.6 مليون حالة نزوح داخلي نتيجة للكوارث، مع استمرار وجود 8.7 مليون شخص كنازحين داخليين حتى نهاية عام 2022، وفقًا لبيانات مركز رصد النزوح الداخلي. وقد تمثلت حالات النزوح الداخلي الناجمة عن الكوارث في أكثر من نصف (54%) من حالات النزوح الجديدة التي تم تسجيلها في عام 2022.

كيف يبدو المستقبل؟

مع استمرار الصراعات والأزمات في عام 2023، يتواصل اضطرار السكان للنزوح داخل بلدانهم. وتتضمن هذه الصراعات ما يحدث في جمهورية الكونغو الديمقراطية والسودان، وانتشار العنف في ميانمار، واستمرار حالة عدم الأمان والجفاف في الصومال. كما تأثرت هذه البلدان بشكل سلبي بارتفاع التكاليف العالمية للطاقة وأسعار السلع، وتفاقمت التحديات بسبب تداعيات جائحة كوفيد-19.

وعلى الرغم من هذه المخاطر المستمرة، يظل الواقع أن غالبية اللاجئين والنازحين قسرًا يحاولون البقاء قرب بلدانهم قدر الإمكان، ففي نهاية عام 2022، كان 70% من اللاجئين، بما في ذلك الأشخاص الذين يحتاجون للحماية الدولية، ويعيشون في البلدان المجاورة لبلدانهم. وعلى مدى الخمسة عقود الماضية، بقي ثلاثة أرباع هؤلاء الأشخاص في المناطق التي تقع فيها بلدانهم.

جهود المنظمات

ومن جانبه يستمر التضامن العالمي الملفت مع اللاجئين والنازحين قسرًا في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، يجب أن لا يُعتبر هذا التضامن أمرًا محتومًا، وإنما يتطلب جهودًا عالمية وتقاسمًا للمسؤولية من قبل المجتمع الدولي. وهذا يعني زيادة الجهود لتخفيف الضغط على البلدان المضيفة، وتمكين اللاجئين للاندماج والاعتماد على أنفسهم، وتوسيع فرص الوصول إلى حلول في البلدان الثالثة، ودعم تحسين الظروف في بلدان الأصل لتمكين عودة اللاجئين بشكل آمن وكريم.

ويعد منتدى اللاجئين العالمي لعام 2023 فرصة لتعزيز هذا التضامن، حيث تتم مراجعة الممارسات الجيدة وتقديم التزامات جديدة من قبل الدول والجهات المعنية لدعم اللاجئين والمجتمعات المضيفة.