يحتفي العالم في 20 يوليو من كل عام باليوم الدولي للقمر، والذي حددته الأمم المتحدة بالتزامن مع الاحتفال بأول هبوط بشري على سطح القمر عبر مركبة أبوللو.
ويحظى القمر بأهمية كبيرة للحياة البشرية، دفعت العلماء والباحثون لدراسة هذا الجسم منذ آلاف السنين، والتأمل في أصله وألغازه، حتى استطاع الإنسان أن يصل إلى سطحه عن طريق المركبات الفضائية.
ولكن ماذا لو لم يكن القمر موجودًا؟
القمر ليس مهمًا لإنارة كوكب الأرض خلال الليل فقط، بل إن أهميته تتخطى ذلك بكثير، وفي حين أن عدم وجود القمر لن يكون ملاحظًا بشكل واضح، إلا أن أنه مؤثر.
التأثير الفوري الذي يمكن تحديده هو انخفاض المد والجزر في المحيطات إلى النصف تقريبًا، إذ تلعب الشمس والقمر دورًا كبيرًا في خلقه من خلال الجاذبية، ولكن للقمر النصيب الأكبر.
ويعكس القمر ما بين 3٪ و 12٪ فقط من ضوء الشمس الذي يسقط عليه، وهذا كافيًا لجعل الأشياء مرئية جزئيًا على الأقل أثناء الليل.
وعلى الرغم أن رؤيتنا للسماء بدون قمر خلال الليل لن تكون ذات تأثير كبير على البشر، إلا أنها مشكلة بالنسبة للعديد من الحيوانات الليلية، مثل السلاحف حديثة الولادة التي تعتمد على ضوء القمر لتهتدي إلى المحيط.
وبدون القمر في سماء الأرض، سيكون الجو أظلم، بما يعرض العديد من الحيوانات الليلية مثل البوم والأسود للارتباك أو الانقراض، أو عدم قدرتها على الحصول على الطعام.
دوران الأرض
وباختفاء القمر، ستتأثر حركة الأرض حول محورها، ولكنه تأثير طفيف لا يمكن ملاحظته بسهولة، إذ يزيد سحب القمر حاليًا من طول اليوم بحوالي ملي ثانية كل قرن، وهي نسبة بسيطة غير مؤثرة على التوقيت البشري.
وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا التأثير قد يكون ملحوظًا فقط بعد مرور آلاف السنين.
وقديمًا، كانت الأرض تدور حول نفسها بشكل أسرع وكان اليوم يتلخص في 4 ساعات فقط، ولكن وجود القمر ساعد على إبطاء حركة الأرض لتصبح 24 ساعة في يومنا الحالي.
ولكن إذا كان القمر غير موجود، كانت الأرض ستستمر في الدوران بشكل سريع، ويقل معها عدد ساعات اليوم.
من ناحية أخرى، سيقضي اختفاء القمر على رياضة ركوب الأمواج، والتي تعتمد على ظاهرة المد لدفع الأمواج بقوة إلى الشاطئ.
تأثير اختفاء القمر على المناخ
القمر يحافظ على ميل الأرض بمقدار 23.5 درجة ثابتة إلى حد ما، وبدونه سيضطرب الكوكب، مما يؤثر بشكل كبير على المواسم والمناخ في الكوكب.
وسيضرب اختفاء القمر بما نعرفه عن تعاقب الفصول والمناخ عرض الحائط، فربما لا ترى أجزاء من الأرض الشمس بشكل نهائي، في حين تظل في السماء في أماكن أخرى لشهور متتالية، وفق عالم الفيزياء الملكية في معهد فلاتيرون، بول سوتر.
وسيعمل عدم وجود القمر على تغيير ميل الأرض تدريجيًا، وربما لن يلاحظ البشر هذا التغيير ولكنه سيكون مؤثرًا على بعض الحيوانات التي تكيف حياتها مع تغيير الفصول.
كما أن حركات المد والجزر تلعب دورًا مهمًا في مناخ الأرض، لأنها تقود التيار، والذي بدوره يوزع المياه الدافئة حول العالم.
وبدون المد والجزر، يمكن أن تكون درجات الحرارة الإقليمية أكثر تطرفًا، سواء كانت باردة أو ساخنة، وسيكون الطقس الغريب مثل الأعاصير أكثر شيوعًا.
ولكن هل فقدان القمر أمر محتمل؟
في الواقع، فإن السيناريوهات السابقة ما هي إلا افتراضات لا نستطيع الجزم بإمكانية حدوثها، ولكن علاقة القمر بالأرض كانت متغيرة منذ الوجود البشري الأول على الكوكب.
فمنذ مليارات السنين، كان القمر موجودًا في السماء بحجم أكبر مما هو عليه الآن، بما يصل إلى 20 مرة.
والسبب وراء ابتعاد القمر ببطء عن الأرض، واستمراره في القيام بذلك بمعدل حوالي 3.78 سم سنويًا، هو أمر يرتبط بالمد والجزر على الأرض.
وبمرور الوقت، ستزداد أيام الأرض طولًا – تطول الأيام بمعدل ثانية كل 50 ألف سنة – وسيستمر القمر في الانجراف بعيدًا، لكن هذا لن يستمر إلى الأبد، إذ إن تأثيرات المد والجزر الناتجة عن جاذبية الشمس ستستمر، مما سيجذب القمر بثبات إلى الأرض.
ووفق التقديرات الصادرة عن معهد علوم الكواكب، فإنه بعد 50 مليار سنة أخرى أو نحو ذلك، سيكون القمر قريبًا جدًا من الأرض لدرجة أنه سيتمزق بسبب جاذبية الكوكب، مما يترك حلقة من الحطام شبيهة بما نراه في كوكب المشتري.
هذا ما تنوي الصين فعله لإرسال رواد فضاء إلى سطح القمر بحلول 2030