في حين أنه لم يمر على بدء فصل الصيف سوى أسابيع قليلة، إلا أن درجات الحرارة ترتفع بشكل كبير في الكثير من البلدان حول العالم.
ولم يقتصر الأمر على البلدان التي تُعتبر درجات الحرارة المرتفعة فيها أمرًا طبيعيًا، بل تعاني مناطق مثل تكساس وجزء من جنوب غرب الولايات المتحدة من موجات حر شديدة.
ويواجه أكثر من 120 مليون أمريكي هناك تحذيرات بشأن الحر الشديد، وهو ما يعادل 1 من كل 3 من إجمالي عدد السكان.
هكذا كان الحال أيضًا في المملكة المتحدة، إذ إن حرارة شهر يونيو لم تكسر فقط الأرقام القياسية للارتفاعات السابقة، بل حطمتها، محققة درجات أعلى بـ 0.9 درجة مئوية من الأرقام السابقة.
ولم تسلم منطقة شمال أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط من أوضاع مشابهة.
تطرف درجات الحرارة
خلال شهر يونيو الماضي، شهدت درجات الحرارة ارتفاعات كبيرة خلال 3 أيام على وجه التحديد، وتم اعتبارها أنها الأكثر سخونة، بحسب وصف خدمة المناخ والطقس في الاتحاد الأوروبي، كوبرنيكوس.
ودفعت هذه الزيادات إلى تصنيف يونيو على أنه الشهر الأكثر حرارة على مستوى العالم، وفق المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى.
في يوم الإثنين 3 يوليو، بلغ متوسط درجات الحرارة 16.89 درجة مئوية، بينما بلغ في 4 يوليو 17 درجة مئوية، ثم تخطت الدرجات هذه الأرقام في 5 يوليو إذ وصلت إلى 17.05 درجة مئوية.
هذه الارتفاعات لم تكن مفاجئة، بحسب ما قاله عالم المناخ في مكتب الأرصاد الجوية وجامعة إكستر، البروفيسور ريتشارد بيتس، والتي كانت متماشية مع التنبؤات السابقة بالمناخ.
ويوضح أن هذه مجرد بداية، وسيشهد الكوكب المزيد من التطرف في درجات الحرارة، حتى يستطيع البشر خفض انبعاثات الغازات الضارة إلى الغلاف الجوي.
ويقول بيتس إن معظم الحرارة المخزنة بالقرب من سطح الأرض ليست في الغلاف الجوي، ولكن في المحيطات، التي شهدت ارتفاعات قياسية في درجات حرارتها خلال فصلي الربيع والصيف.
وكان ما تم تسجيله في المحيط الأطلسي بالقرب من سواحل المملكة المتحدة، أكبر دليلًا على ارتفاعات درجات الحرارة غير المسبوقة.
حيث شهدت هذه المنطقة أعلى درجات حرارة للمياه السطحية تم تسجيلها على الإطلاق، والتي وصلت إلى 5 درجات مئوية، متجاوزة المتوقع في الطبيعي خلال هذا التوقيت من العام.
موجة حر استثنائية
الارتفاعات التي شهدها الصيف منذ بدايته تم تصنيفها من قبل الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي “NOAA” على أنها موجة حر من الفئة 4.
هذا التصنيف يُستخدم بشكل نادر خارج المناطق المدارية، وهو يشير إلى الحرارة “الشديدة”.
وتتقاطع درجات الحرارة المتطرفة في الجزء الشمالي من المحيط الأطلسي، مع التطور الذي تشهده ظاهرة النينو في المحيط الهادئ الاستوائي.
ويمكن تعريف النينو على أنه نمط طقس متكرر يحدث عندما ترتفع المياه الدافئة إلى السطح قبالة سواحل أمريكا الجنوبية وتنتشر عبر المحيط.
وفي ظل موجات الحر التي تضرب كلا من المحيطين الأطلسي والمحيط، فإن ارتفاع درجات حرارة سطح البحر العالمية بمستويات قياسية خلال شهري أبريل ومايو الماضيين لم تكن مستغربة.
وبحسب أستاذ تغير المناخ في جامعة إكست، تيم لينتو، يتسبب دفء البحار بشكل أكثر من المتوقع في انتقال السخونة إلى الهواء، كما أن درجات الحرارة الناتجة عن الاحتباس الحراري تنتقل أيضًا إلى المحيطات.
وفي الواقع، تميل هذه الدرجات الزائدة من الحرارة للاتجاه إلى أعماق المحيطات، ولكنها تصعد إلى السطح مرة أخرى بفعل ظاهرة النينو، وهو ما يؤدي إلى إطلاق المزيد من الحرارة في الغلاف الجوي، وترتفع درجة حرارة الهواء بالتبعية.
تغير استثنائي!
البعض قد يعتقد أن ما يشهده كوكبنا من ارتفاعات غير مسبوقة في درجات الرارة هو أمر استثنائي، ولكن الصادم أن ما يحدث أمر طبيعي نتيجة لتغير المناخ.
وبمرور الوقت تتزايد نسب غازات الاحتباس الحراري المتصاعدة إلى طبقات الغلاف الجوي، فوفق تقديرات وكالة الطاقة الدولية، لا تزال انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بالطاقة مرتفعة بنسبة 1% خلال العام الماضي.
ويزيد الاحترار العالمي من احتمالية مواجهة موجات شديدة من الحر ولمدة أطول من الطبيعي، كما أن ظاهرة النينو من المتوقع أن تجعل عام 2023 هو الأكثر سخونة على الإطلاق.
الاضطرابات التي تواجهها الطائرات بسبب درجات الحرارة في ازدياد.. لماذا؟
ما هي ظاهرة “النينو” التي قد تتسبب في ارتفاع قياسي لدرجات الحرارة هذا العام؟