في أعقاب محاولة التمرد الفاشلة التي قادتها “فاغنر” تسعى موسكو لتطويق حركة مجموعة المرتزقة الروسية التي يقودها رجل الأعمال العسكري، يفغيني بريغوزين.
وعلى الفور بدأت موسكو في إجراء اتصالاتها، إذ سافر وزير الخارجية الروسي إلى دمشق لإخبار الرئيس السوري، بشار الأسد، بأن عمل المجموعة هناك لن يكون بشكل مستقل.
كما أجرى المسؤولون في الخارجية الروسية عدة اتصالات مع رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى – والذي تضم حراسته الخاصة بعض العناصر من فاغنر – لطمأنته بأن التوسع الروسي في أفريقيا لن يتأثر بتحركات المجموعة المتمردة.
كما توجهت إحدى الطائرات الحكومية الروسية من سوريا إلى مالي، وهي أحد المعاقل الخارجية للمجموعة.
لماذا هذه التحركات؟
تحاول موسكو من خلال رد فعلها السريع طمأنة شركائها في الشرق الأوسط وأفريقيا على مصير العلاقات بينهما، والتأكيد على أن عملية كانت تديرها مجموعة فاغنر ستخضع من الآن لإدارة روسية جديدة.
ويبدو أن روسيا تسعى إلى التضييق والسيطرة على شبكة المرتزقة، بعد سنوات من محاولات إنكار العلاقة التي تربطهما، ولكن حتى الآن لا تتضح أي معالم لخطة موسكو الفعلية في هذا الشأن.
ويقول المبعوث الخاص السابق لمنطقة الساحل بغرب إفريقيا، جيه بيتر فام، إن فاغنر ساعدت الكرملين طوال سنوات في بناء نفوذها الدولي وكانت الحكومة تخشى التخلي عنها.
كما ساعدت المجموعة الكرملين في جمع الإيرادات، من خلال شركة كونكورد القابضة التابعة لبريغوزين وشبكة من الشركات الوهمية الأخرى، بحسب ما نقلته صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مسؤولين غربيين ووثائق اطلعت عليها.
ووفق المسؤولين، فإن شركات “فاغنر” تدر مئات الملايين من الدولارات سنويًا في إفريقيا، والتي تُعد مصدرًا أساسيًا لدعم النفوذ الروسي في القارة وكذلك تمويل عملياتها في أوكرانيا.
وتتنوع مصادر دخل فاغنر ما بين صادرات الذهب السوداني إلى روسيا، وصادرات الماس من جمهورية إفريقيا الوسطى إلى الإمارات العربية المتحدة، والأخشاب إلى باكستان.
طبيعة عمل “فاغنر”
يتمحور الدور الأساسي الذي تلعبه فاغنر حول حماية الأنظمة الاستبدادية في أنحاء مختلفة من العالم، من الشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي وكذلك أوكرانيا وروسيا.
ومن خلال أكثر من 30 ألف مقاتل، توسعت مجالات عمل المجموعة بدعم من بعض السياسيين والممولين والجيولوجيين، لتشمل التنقيب عن الموارد المعدنية في سوريا ومالي وأفريقيا الوسطى.
كما أن الجماعة عرضت خدماتها للمساعدة في قمع الاحتجاجات المناهضة للحكومة في فنزويلا والسودان، إلى جانب معلومات جرى تسريبها على مجمعة دردشة ألعاب الفيديو Discord، حول عرض مساعدتها على حكومة هايتي للسيطرة على بورت أو برنس.
ويُعد مصير العمليات التي تقوم بها المجموعة مرهون بقدرة الكرملين على إزاحة بريغوزين والحفاظ على إمبراطوريته التي بناها في 3 قارات قائمة في نفس الوقت.
فرصة واشنطن
وبحسب توقعات بعض مسؤولي الأمن القومي، فإن الفرصة قد تسنح مرة أخرى أمام واشنطن لإعادة فرض سيطرتها في أفريقيا، والتي تسعى روسيا والصين لتوسيع نفوذهما فيها منذ سنوات.
وتضغط إدارة بايدن والحكومات الأوروبية منذ فترة على القادة في إفريقيا، للتوقف عن العمل مع فاغنر وتشديد العقوبات على المجموعة، كما صنفت وزارة الخزانة المجموعة على أنها “منظمة إرهابية عابرة للحدود”، بناءً على عملياتها في أوكرانيا التي تتم لمصلحة روسيا.
وخضعت شركات الذهب التي تعمل في أفريقيا لعقوبات أمريكية، بعد مزاعم بأنها تساهم في دعم عمليات فاغنر في أوكرانيا.
اعترافات روسية
الأسبوع الماضي، اعترف بوتين علانية بأن الدولة مولت المجموعة خلال العام الماضي، من خلال دفع رواتب 3 آلاف من المرتزقة في جمهورية أفريقيا الوسطى، وفق تصريحات مستشار الأمن الرئاسي في البلاد، فيديل جوانجيكا.
ومن غير الواضح ما إذا كان أعضاء المجموعة سيقبلون بتوقيع عقود جديدة مع الحكومة الروسية أم لا، ولكن بريغوزين والذي طار إلى بيلاروسيا الثلاثاء الماضي، أكد أن رجاله سيرفضون أي عروض في هذا الصدد.
في تعداد الموتى أو ينتظر العقاب.. محللون يقدمون رؤيتهم لمستقبل زعيم فاغنر
“طعنة في الظهر”.. زعيم فاغنر يقود تمردًا على بوتين
هل يجب على الغرب التفكير في احتمالية انهيار النظام السياسي الروسي؟