سياسة

عمره أيام قليلة.. لماذا فشل تمرد مجموعة “فاغنر” الروسية؟

أدى عدم تقدير الموقف وقراءة الدائرة المقربة من بوتين بصورة صحيحة، إلى فشل قائد مجموعة “فاغنر” الروسية، يفغيني بريغوزين، في تحقيق أهداف الانقلاب الذي قام به السبت الماضي.

وفق تحليل نشرته “سي إن إن” فإن النظام الروسي لم يكن مستعدًا للتغيير الجذري الذي طمح إليه بريغوزين، بحسب ما قاله أحد سكان موسكو.

تصريحات جذابة

وحتى الآن من غير المعروف ما إذا كان الدافع وراء ما قام به رئيس فاغنر عندما سيطر عل المقر العسكري الروسي في روستوف أون دون بدباباته، كان مجرد إثارة جلبة من خلال استعراض للقوة أم لا.

ولكن ما دار في ذهن بريغوزين مساء يوم الجمعة، عندما دعا قواته إلى العمل في شوارع روسيا وليس شوارع أوكرانيا، كان فقط يتمحور حول أن الوقت حان ليتصدر المشهد في روسيا.

ومنذ أن بدأت الحرب في أوكرانيا، وتوالت المؤشرات السلبية بعدم تحقيق روسيا لأهدافها، بدأت تصريحات قائد فاغنر – الذي كان حليفًا مقربًا من بوتين – للاتجاه نحو اتهام النخبة الروسية التي تقود الحرب في أوكرانيا بأنها لا تهتم لعدد القتلى من الروس.

وبالطبع كان لهذه التصريحات أصداء رنانة بين الروس الذين يدركون أن بوتين وأعوانه عادة ما يكذبون، ولكنهم يتسامحون معها طالما كان زعيمهم قويًا ويتمتعون بالاستقرار.

وهذا المبدأ ليس بجديد، فعلى مر العصور تيقن الروس من أن مقاومة الديكتاتورية لا طائل من ورائها، وأن الحل الأفضل هو التغاضي عن ممارساتها لضمان البقاء على قيد الحياة.

خلافات السيطرة على فاغنر

على مدار شهور من الحرب في أوكرانيا، استغل فاغنر ما واجهته قواته في الخطوط الأمامية لـ باخموت، إذ كان مقاتلوه يموتون بالمئات في سبيل أن يحظى بوتين بمكاسب ضئيلة.

وفي رأي الكثيرين، فإن ما تقوم به فاغنر وقائدها شجاعة لم يُقدم عليها أي قائد روسي آخر، ولكن في خضم ذلك بدأ بريغوزين في نشر مزاعمه بأن بعض المسؤولين في الدائرة المقربة لبوتين منعت قواته من الحصول على على الذخيرة، وتحديدًا وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويغو.

ومن هنا دب الخلاف بين رئيس المرتزقة وشويغو حول السيطرة على فاغنر، وباتت المشروعات الضخمة التي يمتلكها الكرملين وعمل قائد فاغنر على تطويرها في أفريقيا وخارجها على المحك.

هذا الصراع في الدائرة الداخلية المقربة من بوتين، كان يتطلب منه إجراءات أكثر حزمًا للسيطرة عليه وإنهاءه في أقرب وقت لإبقاء الأمور في نصابها.

دعم لقائد المرتزقة

ولم يلتفت بوتين كثيرًا لتصريحات بريغوزين المنشق حول القيادة الروسية الفاشلة، وتأثيرها على الجماهير الروسية حول مدى سوء الحرب وكيف ستنعكس على موقف الرئيس الروسي.

ولم تكن رسالته تكتسب زخمًا لدى الجمهور فحسب، بل كان يحظى أيضًا بالدعم من الرتب العسكرية العليا، ففي نهاية أبريل، حظي بدعم نائب وزير الدفاع، ميخائيل ميزينتسيف.

كما كان المسؤول الدفاعي الكبير سيرجي سوروفكين، الذي عُين لفترة العام الماضي مسؤولاً عن الحرب الروسية في أوكرانيا، من المفضلين لدى بريغوزين.

وخلال قمة خلافه مع وزارة الدفاع في موسكو، قال قائد فاغنر إن سوروفكين، هو الشخص الوحيد في الجيش الذي يعرف كيف يدير القتال.

ولم يتوقف الدعم لبريغوزين على الداخل الروسي فقط، بل إن الزعيم الشيشاني رمضان قديروف، حليف بوتين القوي والحيوي، أشاد أيضًا في هذه الفترة بقوات بريغوزين، وأكد على مدى أهميتهم.

وأخذ قديروف على عاتقه مهمة التوسط عندما هدد قائد فاغنر بسحب قواته من الخطوط الأمامية، وقدم له وعود عددية وقتها بالدعم وتحسين ظروف المجموعة.

مساء يوم الجمعة الماضية، ادعى بريغوزين أنه التقى شويغو، إلا أن ما ناقشوه لا يزال مجهولا، وبعد أن غادر شويغو بساعات، قال بريغوزين إنه أرسل قوة مقاتلة إلى موسكو خلال هذا الوقت.

دعم يتلاشى

في حين أن قديروف كان من أبرز مؤيدي بريغوزين سابقًا، إلا أنه يوم السبت الماضي وصفه بـ “الخائن”، وأنه كان يرسل قواته الخاصة للتصدي له.

وبينما كان رئيس فاغنر لا يزال مختبئًا في المقر العسكري الروسي في روستوف أون دون، قال قديروف إن ما يحدث ليس تهديدًا لوزارة الدفاع فقط، ولكنه بمثابة تحد للدولة بأكملها، وهو ما يتطلب الالتفاف حول الزعيم الوطني للتصدي له.

وفي هذا الوقت، تبخرت أيضًا مساعي بريغوزين السابقة لكسب دعم الجنرالات الروس، عندما أصدر سوروفكين، الذي اعتبره حليفًا له، رسالة بالفيديو يطلب منه “التوقف” و”إطاعة إرادة” الرئيس فلاديمير بوتين.

مع تراجع الداعمين لبريغوزين، بدا يوم السبت وكأنه يحاول التفاوض على الخروج من مخبئه، وزعم وقتها أنه تراجع عن خططه من أجل إنقاذ “الدم الروسي”، ولكن الحقيقة هي أنه كان ينقذ حياته التي كانت على المحك.

أعلنوا الاستعداد لمواجهة فاغنر.. ماذا نعرف عن قوات “أحمد” الشيشانية؟

“طعنة في الظهر”.. زعيم فاغنر يقود تمردًا على بوتين

رئيس مجموعة “فاغنر” يهدد بالانسحاب من باخموت في هذه الحالة