يعتمد تصنيف البلدان من حيث قوة الاقتصادات على عدة عوامل، ولكن يظل الناتج المحلي الإجمالي للفرد من أهم الطرق التي ثبتت إيجابيتها في هذا الشأن.
ويتم في هذه الطريقة قسمة الناتج الاقتصادي للبلد عل عدد السكان، وينتج عنه متوسط الناتج المحلي للفرد، ويتوافق نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بشكل عام مع ارتفاع مستويات الدخل ومستويات الاستهلاك ومستويات المعيشة.
ويُتيح هذا المقياس للاقتصاديين وصانعي السياسيات تعديل استراتيجياتهم، لتحقيق مستوى أعلى من الرفاهية الاقتصادية للمواطنين.
يوضح الرسم البياني التالي الذي أعده WORLDMAPS، الدول العشر الأولى حسب نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في مناطق مختلفة، اعتمادًا على بيانات من صندوق النقد الدولي.
العشر الأوائل
تأتي لوكسمبورغ وأيرلندا والنرويج في المراكز الثلاثة الأولى بأكثر من 100 ألف دولار في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2023.
وتمتلك كل دولة عدة مقومات تدفعها لتحقيق هذه المراتب المتقدمة، فتُعتبر لوكسمبورغ مركزًا رئيسيًا للخدمات المالية في أوروبا، فيما تُعد أيرلندا هي المقر الرئيسي للعديد من الشركات متعددة الجنسيات، والنرويج هي واحدة من أكبر مُصدري الطاقة في المنطقة.
ومن بين أحد الأسباب المهمة، هو أن هذه الدول الغنية تمتلك أقل عدد من السكان، إذ يبلغ في لوكسمبورغ ما يزيد بقليلي عن 600 ألف نسمة، بما يعادل مدينة صغيرة في البلدان الأكثر اكتظاظًا بالسكان.
ومن بين المركز العشرة الأولى، لا يتخطى عدد السكان الـ 10 ملايين سوى في الولايات المتحدة وأستراليا.
القوة الشرائية
أحد المعوقات الرئيسية لاستخدام طريقة الناتج المحلي الإجمالي للفرد، هو أنه لا يأخذ في الحسبان قوة العملة المحلية مقابل سعر الصرف، حيث يتأثر الأخير بشدة بتدفقات الاستثمار والطلب على العملة الوطنية.
كما أنه لا يأخذ في الحسبان فروق أسعار السلع بين البلدان، فكمثال تُباع الخضروات الطازجة في الهند أرخص بكثير من كندا.
ويحاول الاقتصاديون حل هذه المشكلة من خلال استخدام مؤشرات تعادل القوة الشرائية (PPP)، العنصر الأساسي لهذه المؤشرات هو أنها تزيل فروق الأسعار هذه وتحولها إلى عملة مشتركة من أجل إظهار الازدهار الاقتصادي النسبي.
وهناك بعض الأمثلة الشائعة على هذه المؤشرات وهي Big Mac من The Economist، ومؤشر Latte Index من Wall Street Journal.
الدولار الدولي
تعتمد قياسات تعادل القوة الشرائية على الـ “دولار الدولي”، والذي يمكنه شراء نفس الكمية من السلع في أي بلد مثل التي يمكن أن يشتريها الدولار الأمريكي في أمريكا.
ويتضح في المراك العشرة الأولى، أن استخدام هذه الطريقة زاد من نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، إذ زادت قيم معظم البلدان عن قيمتها الاسمية، باستثناء الولايات المتحدة لأنها المعيار.
واختلف ترتيب بعض الدول بناءً عل الأرقام الجديدة، مثل أيرلندا ولوكسمبورغ، وخرجت دول مثل أيسلندا والدنمارك وأستراليا وحلت محلها ماكاو والإمارات العربية المتحدة وسان مارينو.
الأمريكتان وأوروبا
تتصدر الولايات المتحدة الأمريكتين من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي والمتوافق مع تعادل القوة الشرائية.
فيما تراجعت كندا إلى المركز الثالث، وتقدمت عليها غيانا في المركز الثاني.
وفي أوروبا، تأتي أندورا في ذيل قائمة الدول الأغني من حيث نصيب الفرد من الناتح المحلي، والتي تضم العشرة الأوائل السالف ذكرهم.
وتستفيد أندورا على وجه الخصوص من وضعها كمنطقة اقتصادية حرة، إذ تتمتع بضرائب منخفضة جدًا أو معدومة، وكونها نقطة جذب سياحية حيث يساهم القطاع بنسبة 80٪ في اقتصادها.
آسيا
بين دول آسيا، تأتي دول سنغافورة وقطر وماكاو والإمارات العربية المتحدة، وهونغ كونغ في صدارة أغنى الدول على كلتا القائمتين.
وتستفيد قطر والإمارات العربية المتحدة من النفط باعتباره أحد الصادرات الرئيسية للمنطقة، بينما تستفيد سنغافورة ودولة الإمارات العربية المتحدة من أهم المراكز المالية في آسيا.
فيما تُعتبر ماكاو من الأماكن السياحية الجاذبة، خصوصًا في ظل المظلة القانونية للمقامرة هناك.
أفريقيا
تأتي دول مثل الدول الجزرية لسيشيل وموريشيوس في المراكز الأولى من نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في كل من الفئتين الاسمية وفئة تعادل القوة الشرائية في القارة الأفريقية، والفضل في ذلك يرجع لانتعاش السياحة هناك.
وتحتل جنوب أفريقيا المركز الثامن، فيما تأتي مصر وهي ثالث أكبر اقتصاد في المنطقة في المركز السابع، متأثرة بعدد سكانها الكبير.
عيوب المقياس
في حين الاستفادة التي يحققها مقياس الناتج المحلي الإجمالي، إلا أنه لا يخلو من بعض العيوب.
ومن أهمها أنه مقياس للناتج الاقتصادي للفرد، وليس الدخل الفردي أو مدخرات الأسرة، وهذا يخلق قيودصا في بعض الحالات، مثل أيرلندا التي تعمل الشركات متعددة الجنسيات فيها على خلق صبابية حول الناتج العام للفرد.
من ناحية أخرى تحتل الدول ذات عدد السكان الأصغر مراكز متقدمة في التصنيف، في مقابل الاقتصادات الكبرى في العالم مثل الصين والهند والمملكة المتحدة وفرنسا التي لا يشملها الترتيب من الأساس.
إلى جانب أن المقياس لا يشمل بعض مقاييس المستوى المعيشي الجيد الأخرى غير الملموسة مثل حرية التعبير وحقوق الإنسان.
ما هي أبرز المشروعات التي نفذتها “كدانة” للاستفادة منها في حج هذا العام؟
