قال القائد السابق للجيش الأمريكي في أوروبا “بن هودجز”، أنه إن تم تدعيم القوات الأوكرانية بمساعدات عسكرية، فإن بإمكانها اختراق الخطوط الروسية المهيمنة على جزيرة القرم، في نهاية هذا الصيف.
وتأتي هذه التصريحات وسط مخاوف بشأن وتيرة الخسائرة المتزايدة بأوكرانيا، والتي بدأت في أول يونيو، بينما دعا هودجز إدارة الرئيس جو بايدن إلى تأكيد التزامها بدعم الجانب الأوكراني عبر توفير الأسلحة المتطورة بسبب الخوف من الانتقام الروسي، وقد أضاف في تصريحه لمجلة نيوزويك أنه “لا يزال التحذير الرئيسي الذي أقدمه هو أنه إذا كانت الولايات المتحدة ستوفر ما تحتاجه أوكرانيا، فيمكن لأوكرانيا في الواقع أن تحرر شبه جزيرة القرم بحلول نهاية هذا الصيف”.
تم الإبلاغ عن تقدم كبير في عدة اتجاهات منذ تحول القوات الأوكرانية إلى العمليات الهجومية في وقت سابق من هذا الشهر، وقد وقعت أعمال عنف حادة في شرق دونيتسك أوبلاست، وبالتحديد في مدينة باخموت المدمرة وعلى جبهة زابوريزهزيا الجنوبية. مع ذلك، لا تزال المعارك تستمر على طول خط التماس الذي يمتد على مسافة 800 ميل، حيث تم الإبلاغ عن هجوم قوات روسية في شمال شرق لوهانسك أوبلاست.
يقول المسؤولون الأوكرانيون إن الهجمات المضادة شهدت قتالاً عنيفاً ولكنها كانت مثمرة، حيث تمكنت قوات كييف من التقدم إلى خطوط دفاعية روسية تم تجهيزها منذ فترة طويلة. وفي الوقت نفسه، تزعم موسكو باستمرار أنها هزمت الهجمات المضادة الأوكرانية، معتبرة أن القوات الأوكرانية تكبدت خسائر فادحة في الأفراد والمعدات. وقد قام دعاة الدعاية الروس والمسميين بـ “البلهاء المفيدون” في الغرب بتضخيم هذه التقارير.
فيما أوضح هودجز أنه من السابق لأوانه تقييم أي نجاح أو فشل في الهجوم المضاد الأوكراني الجاري، رغم تشديده على تفائله بشأن آفاق كييف.
كما أشار هودجز أن ” معظم تشكيلات المدرعات الثقيلة في أوكرانيا لم تنضم إلى القتال بعد” موضحًا أن هذا الأمر “يمكن أن يغير الزخم وطبيعة الأشياء بالكامل.”وأضاف هودجز “”الروس سينتظرون منا حتى نفقد الاهتمام، مما سيجعلهم قادرين على شن هجمات من شبه جزيرة القرم، هذا سيفقد أوكرانيا القدرة على إعادة بناء اقتصادها لأن البحرية الروسية ستغلق بحر آزوف وكذلك أوديسا وميكولايف، فكيف سيكون لأوكرانيا اقتصاد؟ إنه ليس جيدًا لأي شخص في أوروبا”.
وعلى جانب آخر، فإن تردد البيت الأبيض في تزويد أوكرانيا بالذخائر ذات الأطوال البعيدة، من بينها صواريخ ATACMS التي تبلغ مداها 190 ميلاً وتطلق من أنظمة إطلاق صواريخ متعددة (MLRS)، بسبب مخاوف من أن تؤدي الضربات الأوكرانية في الأراضي الروسية إلى تصعيد النزاع وربما حتى نووي. وعارض مسؤولو إدارة بايدن حاجة أوكرانيا للحصول على صواريخ ATACMS، محذرون في الوقت ذاته من أن توفير هذه الذخائر يمكن أن يؤدي إلى تصعيد الصراع ونفاد مخزونات ATACMS الأمريكية بشكل خطير. ويعتبر نظام ATACMS من بين الأسلحة الأكثر المطلوبة لدى الحكومة الأوكرانية لأنه يتفوق على أي نظام MLRS تم توفيره لها حتى الآن، ويمكن استخدامه لاستهداف المواقع الروسية عبر أوكرانيا المحتلة وشبه جزيرة القرم.
ومع ذلك ، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن أن احتمالية تزيد أوكرانيا بالأسلحة هو أمر قيد الدراسة، وهو ما أوضحه مبعوث كييف أن نبرة الولايات المتحدة تتغير حول هذه المسألة، وإن كنات كييف تنتظر الضوء الأخضر ،فيما علق هودجز على هذا الأمر بأن إدارة أمريكا “لم تكن صادقة، لأنه لم يرغبوا في هذا فتوصلوا دائمً لأعذار بأن ليس لديهم ما يكفي من الأسلحة”
تسارع الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو في توسيع قدرات الإنتاج العسكري، خاصة في أوروبا، بعد حقبة ما بعد الحرب الباردة التي شهدت ضعفًا في هذا المجال، حيث كانت العقود الأخيرة تستخدم للتدخلات المنخفضة الكثافة لمكافحة التمرد في الخارج، ويشمل هذا الجهد التوسع في خط إنتاج ATACMS التابع لشركة Lockheed Martin، إذ تم إطلاق صاروخ ATACMS خلال تدريبات عسكرية مشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية في مكان غير معروف في 5 أكتوبر 2022. وتم رفض تزويد أوكرانيا بالذخيرة بعيدة المدى حتى الآن، خوفًا من أن يثير ذلك الانتقام الروسي ويستنزف الأسهم الأمريكية.
ومن جانبه أشار هودجز أن تردد الولايات المتحدة في إرسال أقوى أسلحة الغرب إلى أوكرانيا هو نتاج مشكلة سياسية، معبرًا عن ذلك بأن “الإرادة السياسية يتم التعبير عنها في شكل نقود، في أوامر لبناء القدرات وتقديمها”، خاصة أن أوكرانيا فازت على شركائها الأجانب بشأن الحاجة إلى التكنولوجيا الغربية الأكثر تقدمًا بحسب قوله، مشيرًا إلى عدم فهمه بشأن التصريح المباشر برغبة أوروبا بفوز أوكرانيا لأنه في النهاية سيصب في صالح الاقتصاد الأوروبي، موضحًا أنه على الأقل إن لم يكونوا واضحين فعليهم اتخاذ قرار تدريجي لدعم أوكرانيا.
الخيار النووي لروسيا
تظل التهديدات النووية المتكررة من موسكو واضحة ومتزايدة، وتصبح أقل حجابًا مع استمرار الحرب في أوكرانيا وتوسع الدعم الغربي لكييف، و يشعر المراقبون بالقلق بشكل خاص من أن التقدم الأوكراني في شبه جزيرة القرم قد يؤدي إلى رد روسي متطرف، مما يعكس عدم استقرار حكم بوتين في الكرملين، وقد أكد بايدن والقادة الغربيون الآخرون على أولوية منع أي صراع مباشر بين الناتو وروسيا والتبادل النووي اللاحق. ويعتقد بعض المراقبين، مثل هودجز، أن الرئيس بوتين قد يكون يخدع في محاولته لتحقيق أهدافه في المنطقة، وقد أشار هودجز أن تلويح روسيا بالحل النووي كافيَا في كل مرة أن يسكت الأصوات حول الحرب التي تدار في روسيا، واصفًا ما يحدث بالابتزاز، وأنها سابقة مروعة لما سيحدث في المستقبل.
ومن جانبه أوضح المتحدث باسم مجلس الأمن القومي آدم هودج لمجلة نيوزويك أنه “على مدار العام ونصف العام الماضيين، حشد الرئيس بايدن العالم للرد على حرب روسيا في أوكرانيا” موضحًا أنه عمل مع الكونجرس لتقديم المساعدات الدولية لأوكرانيا والتي تستخدم السلاح بهدف الدفاع عن أراضيها، وحماية ديمقراطيتها، مؤكدًا في نهاية حديثه “ستستمر مساعينا في تلبية احتياجات أوكرانيا في ساحة المعركة ومعركتها لتقوية دفاعاتها من أجل أن تصبح قادرة على صد الهجمات المستقبلية وردعها”.
الكفة الأوكرانية
ومن جانبها أعلنت وزارة الدفاع البريطانيّة أنه قد تم اعتراض 21 طائرة روسية على حدود المجال الجوي لحلف الشمال الأطلسي من جانب قوات سلاح الجو البريطاني، حيث أوضح وزير الدفاع البريطاني في تصريحات صحافية أن هذه العملية تذكر الجميع بـ “قيمة الدفاع الجماعي وما يوفره حزب الناتو” حيث عمل السلاح الجوي البريطاني مع حلفاء حزب الناتو لتنفيذ تلك العمليات التي كللت بالنجاح، كما أشار وزير الدفاع الأوكراني في تصريحات لفوكس نيوز أن “قواعد اللعبة ستتغير مع روسيا هذا العام” خاصة بعد تكثيف القوات الأوكرانية لهجومها في الجانب الشرقي على روسيا، وهو الأمر الذي يمكن أن يغير خارطة الصراع، ويرجح مساعي التدخل الأوروبي لحل الأزمة الأوكرانية.