سياسة

“الفزان”.. الجزيرة التي تتغير جنسيتها مرتين في السنة!

عادة ما يكون هناك أشخاص يحملون جنسية أو أكثر، ولكن أن توجد جزيرة لها أكثر من جنسية وتتغير كل 6 أشهر، فهذا قد يكون غريبًا.

في جزيرة “الفزان” يحدث هذا الاستثناء بسبب العلاقات السياسية التاريخية، فربما تقف ذات يوم عليها وهي تابعة لدولة فرنسا، وفي اليوم التالي يمكن أن تقف في إسبانيا، ولكن كيف يحدث ذلك؟

وقت مستقطع

لا يوجد على هذه الجزيرة سكان، كما أنه غير مسموح باستقبال الزائرين، باستثناء عدد قليل جدًا من الضيوف المحظوظين الذين يحظون بهذه التجربة مرتين سنويًا عندما تقام مراسم تسليم خاصة.

يقول الصحفي بول إيفان هاريس، إنه منذ أن تخلى البشر عن حياة الترحال، وبدأوا في إنشاء حضارات مستقرة “رسمنا حدودًا لتحديد ما نسميه الوطن، هذه الحدود تمنحنا إحساسًا بالهوية، فنقول نحن من هذا المجتمع أو نحمل هذه الجنسية “.

وأضاف: “وعندما تنشأ النزاعات تتغير هذه الحدود بعنف، وفي بعض الأحيان يحتاج كلا الجانبين لقضاء وقت مستقطع أو هدنة وهذا بالضبط ما فعلته جزيرة الفزان”، بحسب تقرير نشرته بي بي سي.

ويوضح هاريس: “فهي تعتبر منطقة عازلة قديمة بين دولتين تاريخيتين قويتين”.

وجزيرة الفزان ليست كبيرة على الإطلاق، إذ تبلغ مساحتها 2000 متر مربع فقط، وتقع في وسط نهر بيداسوا، بين المدينة الإسبانية “إيرون” من جهة، ومدينة “هونداي” الفرنسية من جهة أخرى.

وتعتبر الجزيرة منطقة مشتركة تدار من قبل دولتين، ولكن فزان فريدة من نوعها لأنها لا تدار من قبل فرنسا وإسبانيا في نفس الوقت.

ولكن كل 6 أشهر تتحرك الحدود، ولذلك فالجزيرة تغير جنسيتها مرتين في السنة، وهذا يجعل منها مكانًا ذو سيادة مؤقتة.

معاهدة سلام

لفهم كيف يحدث ذلك، لا بد من العودة إلى القرن السابع عشر، عندما كانت أوروبا متورطة في حرب الثلاثين عامًا.

تقول ساجاريو أريزابالاجا، من أرشيف بلدية إيرون، إنها كانت حربًا دينية، ومثل كل الحروب كان هناك خلفية سياسية واقتصادية لها، بدأت في عام 1618 وانتهت في عام 1648 بتوقيع صلح “ويستفاليا”.

لكن إسبانيا وفرنسا، الخصمان المتعارضان الأبديان، ظلا على خلاف مع بعضهما البعض، ولم توقعا الاتفاقية حتى عام 1659، وهو ما يسمى بمعاهدة جبال البرانس الآن، إذ تم اعتبار الجبال بمثابة حدود بين المملكتين.

مفاوضات معاهدة البرانس، عُقدت في جزيرة الفزان التي تم تخصيصها كأرض محايدة بين البلدين، وتم إطلاق المعاهدة بزفاف ملكي، تم فيه الاحتفال بزفاف الأميرة الإسبانية ماريا تيريزا، ابنة الملك فيليب الرابع، على لويس الرابع عشر ملك فرنسا، الذي عُرف بملك الشمس.

ومنذ ذلك الوقت تمت معظم الزيجات الملكية على الجزيرة.

وعلى الرغم من أن جزيرة الفزان كانت رمزًا للسلام منذ معاهدة البرانس، إلا أنهم بدأوا في تقاسم الوصاية على الجزيرة بعد معاهدة بايون في 1856.

ولكن هذه المعاهدة لم توضح الطريقة التي يجب أن تُحكم بها الجزيرة، ولذلك تم تحديد السيادة المتناوبة لمدة ستة أشهر بموجب اتفاقية لاحقة، تم التوقيع عليها من قبل البلدين في 1901.

تجربة فريدة

يُشارك كلا من القائد البحري للجزيرة عندما تكون إسبانية، خافيير ماتياس، وقائدة البحرية الفرنسية، بولين بوتير، في عملية التسليم لأول مرة.

يقول خافيير ماتياس: “أنا أختبر أكثر التجارب غرابة خلال مسيرتي المهنية، من خلال مشاركتي في مراسم تسليم جزيرة الفزان، إنه أمر غريب عن مهامنا العسكرية التقليدية”.

ويضيف: “عندما تم تعييني قائدًا للبحرية منذ عامين، لم تكن لدى أي فكرة عن طبيعة هذه الجزيرة، ولكن بالقراءة علمت أنها لا تملك أي نوع من الثروات أو الموارد، ولكنها مجرد رمز يتم الاحتفاظ به”.

وخلال مراسم التسليم، يتم خفض علم الدولة المنتهية ولايتها على الجزيرة، ورفع علم الدولة الأخرى استعدادًا لتولي السيادة عليها لمدة 6 أشهر.

فيما تقول بولين بوتير، قائدة البحرية الفرنسية، إن طريقة نقل السيادة على الجزيرة تقليد قديم جدًا، “الكثيرون لا يعرفون عن هذه الجزيرة، ولكنها رمزًا لنجاح الدبلوماسية بعد الحرب، وأعتقد أنه من الجيد وجودها حتى الآن”.

وتتولى فرنسا السيادة على الجزيرة الآن، حتى تعود مرة أخرى إلى إسبانيا العام المقبل.

بيليه في الخليج.. متى زار الجوهرة السوداء الجزيرة العربية؟

صور| نقش النخيل على صخور الجزيرة العربية.. ما دلالته؟

“مانهاتن”.. الجزيرة التي اشتراها الهولنديون بـ 24 دولارا