يتنامى قطاع الطيران عالميًا، فيقدّر عدد الرحلات التي يقوم بها الركاب سنويًّا بـ 4.5 مليار رحلة، ولكن هذا القطاع يواجه مشكلة كبيرة، حيث الطائرات مسؤولة عن 2.5% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، ولمكافحة هذا، وافقت الشركات العاملة في هذه الصناعة على محاولة تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050.
ومع سعي شركات الطيران لتحقيق هذا الهدف، فهي تواجه صعوبات كبيرة في الاعتماد على الطاقة الكهربية في وقت قريب، فما السبب؟ وما البديل؟
الهيدروجين هو البديل المناسب للوقود الأحفوري لا الكهرباء
تعجز شركات الطيران عن الاعتماد على الطائرات الكهربائية بسبب أن البطاريات كثيفة الطاقة تستوعب نطاقًا محدودًا من الطاقة اللازمة لتشغيل الطائرة.
ولا يمكن للطائرات حمل بطاريات كافية لإنهاء الرحلة لأنها ثقيلة جدًا، وحتى الجيل القادم من البطاريات لن يحلّ هذه المشكلة.
ولهذه الأسباب، بدأت شركات الطيران في البحث عن منافس آخر يتمتع بنفس قوة الوقود الأحفوري، ويخلو من سلبياته، فما كان إلّا أن وجدوا أن الهيدروجين هو الخيار الأمثل.
يتميّز الهيدروجين بأنه أخف بحوالي من 3 إلى 4 مرات من وقود الطائرات، وهذا هو السبب في أنه يستخدم بالفعل كوقود في إطلاق المركبات نحو الفضاء.
وليس الهيدروجين بجديد على الطيران، فقد طار أفراد من سلاح الجو بالاتحاد السوفيتي بطائرة “توبوليف 155” تعمل بالهيدروجين، في عام 1988.
كيف تعمل الطائرات بالهيدروجين؟
لتشغيل طائرة ما بالهيدروجين، يمكن استخدام طريقتين، تتمثّل الأولى في حرق هذا الغاز لعمل المحركّات، أما الثانية فتقوم على استخدامه مع خلية وقود تولد الكهرباء.
وتعد الطريقة الثانية أكثر كفاءة من الأولى، وبينما يعد الهيدروجين باهظ الثمن اليوم، فقد يصبح أرخص بمرور الوقت من وقود الطائرات التقليدي.
وبالنظر إلى أسعار النفط المتصاعدة اليوم، فإن الهيدروجين الأخضر، الذي يتم استخراجه بواسطة الطاقة المتجددة، يتفوّق على وقود الطائرات التقليدي من حيث التكلفة.
ومع ذلك، فإن طبيعة الهيدروجين تجعل استخدامه في الطيران صعبًا؛ بسبب حجمه الكبير، كما أن تخزينه كسائل يتطلب ضمان استقرار درجة حرارته عند -425 درجة فهرنهايت.
محاولات جارية للتغلب على المشكلات
تقوم العديد من الشركات بتجربة تقنيات تساعد على استخدام الهيدروجين كوقود للطائرات، وأكبرها شركة “Airbus”.
كانت الشركة تبحث في هذا المجال لفترة طويلة، وخلال السنوات الماضية زادت نشاطها بمحاولة الاعتماد على الهيدروجين كوقود مباشر، أو من خلال الخلايا الكهربائية المعتمدة في إنتاج الطاقة الكهربائية عليه.
تعمل شركة “Airbus” حاليًا على هذه التجربة من خلال أكثر من مشروع، أحدهم تطوير طائرة “ZeroE”، والتي ستكون عبارة عن نموذج هجين، حيث يتم تغذيتها بالهيدروجين، وكذلك محركات الاحتراق التقليدية.
لإجراء هذا الاختبار، تعمل الشركة مع شركة “CFM International” لصناعة المحركات، والتي تعمل على تصميم جديد تقول إن بإمكانه خفض الانبعاثات بأكثر من 20%.
عندما تم الإعلان عن المشروع لأول مرة في عام 2020، توقعت شركة “Airbus” أن طائرات الهيدروجين الخاصة بها يمكن أن تدخل الخدمة بحلول عام 2035، ولكنهم تراجعوا قليلًا، ولا يوجد جدول زمني محدد الآن لعمل أول طائرة بالهيدروجين.
هناك أيضًا شركة “ZeroAvia”، التي تأسست في عام 2017، وهي شركة ناشئة لطائرات الهيدروجين الكهربائية مقرها المملكة المتحدة وجمعت 140 مليون دولار من شركات الطيران والمستثمرين البارزين.
تركز الشركة على تقنية الدمج بين الهيدروجين والكهرباء، وتقول إنها قامت ببيع ما قيمته 10 مليارات دولار من محركاتها.
طار أول نموذج أولي للشركة في عام 2019 وأجرت رحلة تجريبية لطرازها بالحجم الكامل في أوائل عام 2023.
وأجرت الشركة 4 رحلات تجريبية بطائرة بها 20 مقعدًا، ومحرك بالحجم الكامل، وتأمل في طرح طائرة من 10 إلى 20 مقعدًا في السوق بحلول عام 2025، مع خطط لإطلاق طائرة ذات 70 مقعدًا في عام 2027.
مستشار حكومي بريطاني يحذر من حظر محتمل على الذكاء الاصطناعي.. لماذا؟
