منوعات

هل تُشكّل اللغة التي نتحدثها طريقة تفكيرنا؟

اللغة التفكير

اختلفت الآراء حول ما إذا كان الناس يرون العالم بشكل مختلف اعتمادًا على اللغات التي يتحدثونها، خصوصًا وأن العلماء درسوا كثيرًا الآثار المعرفية للغة، وكيف أن التحدث بلغات مختلفة يمكن أن يغير بشكل أساسي طريقة عمل أدمغتنا.

وتبرز أهمية هذه الأبحاث في ظل الترابط الذي بات يسيطر على العالم حاليًا، وهو ما يمكن أن ينعكس على أشياء كثيرة من تعليم وأماكن عمل وغيرها.

اللغة العربية

يمكن إرجاع جذور النسبية اللغوية – فكرة أن اللغة تؤثر على تفكير الشخص وإدراكه للعالم – إلى اليونان القديمة، وتم تطوير الأفكار الكامنة وراءها في القرن التاسع عشر.

ويعود الفضل في صياغة المصطلح نفسه إلى بنجامين لي وورف، عالم اللغة الأمريكي.

ووفق دراسة حديثة، استندت إلى فحوصات الدماغ لـ94 شخصًا، أظهر المتحدثون باللغة العربية روابط أقوى بين نصفي الدماغ الأيمن والأيسر، وهو أمر يتكهن الباحثون أنه قد يكون بسبب أن اللغة مكتوبة من اليمين إلى اليسار.

وهناك مسألة أخرى مثيرة للاهتمام وهي الرنين العاطفي الذي تمتلكه أو لا تمتلكه اللغات أو الكلمات، اعتمادًا على ما إذا كانت لغة أصلية أم لغة ثانية.

المكان والزمان واللون

ومن المعتقد أن النسبية اللغوية تؤثر أيضًا على كيفية إدراك الناس للمكان والزمان وأشياء أخرى كثيرة، بالإضافة إلى اللون.

ففي دراسة نُشرت قبل بضع سنوات، قارن الباحثون كيف ينظر المتحدثون باللغة الصينية والمتحدثون المنغوليون إلى اللون الأزرق والأخضر.

واتضح من النتائج أن اللغتين لا تصفان هذه الألوان بنفس الطريقة، وكمثال تحتوي اللغة الصينية أيضًا على كلمة واحدة للأزرق، لكن المتحدثين المنغوليين لديهم كلمة واحدة للأزرق الفاتح وأخرى للأزرق الداكن.

وشكّلت المصطلحات كيف يحدد المشاركون للألوان، وهو اكتشاف تم تكراره مع لغات أخرى، وساهمت هذه النتائج في تدعيم فكرة النسبية اللغوية.

اللغة والأفكار

خضعت النسبية اللغوية لجدل طويل عبر التاريخ، وتمت إساءة استخدام الفكرة في بعض الأحيان للترويج لتدريس لغات معينة خلال الحقبة الاستعمارية، كما يقول جان مارك ديويل، أستاذ اللغويات التطبيقية وتعدد اللغات في بيركبيك، جامعة لندن.

واتضح ذلك في فرض بعض الدول المستعمرة لغتها، بحجة أن الفرنسية أو الإنجليزية سمحت للناس بالتفكير بشكل أفضل من السكان المحليين بلغاتهم المحلية، وهو ما جعل النسبية اللغوية أمرًا حساسًا.

وحاليًا، يقترح العلماء أن اللغات لا تغير طريقة تفكير الشخص بشكل جذري، ولكنها قد تجعل الناس أكثر وعياً بأشياء معينة، إنها تقوم بتصفية أو تحسين طريقة تفكير الناس.

وفي رأي الدكتورة كالدويل هاريس، أستاذة مشاركة في جامعة بوسطن، ليست اللغة هي التي تشكل طريقة تفكير الناس بقدر ما هي الثقافة المرتبطة بأي لغة.

التحدث بلغتين

تظهر الطريقة التي ترتبط بها اللغة والثقافة ارتباطًا وثيقًا، بالطريقة التي يميل إليها الأشخاص ثنائيو اللغة الذين يتحدثون لغة مرتبطة بثقافة أكثر جماعية، من استخدام لغة مرتبطة بثقافة فردية أكثر.

وتقول هاريس: “لأن للثقافات قيمًا مختلفة، فإنها تؤثر على الرسالة التي نريد أن نقولها عندما يُطلب منا التحدث بلغة مقابل أخرى”.

ويفهم الأشخاص ثنائيو اللغة الثقافات المختلفة بشكل أفضل، ففي ورقة بحثية عام 2003، وجدت هاريس وزملاؤها المشاركون أن الأشخاص الذين يتحدثون لغتين أظهروا سلوكًا جلديًا أكبر عندما سمعوا كلمة بذيئة بلغتهم الأم، مقارنةً بالوقت الذي سمعوا فيه كلمة بلغتهم الثانية.

ويستخدم في هذا الاختبار أجهزة موصلة بالجلد في المختبرات، لملاحظة استجابة الأشخاص عاطفيًا.

نتيجة لذلك، قد يكون من الأسهل على الشخص الذي يسرد الأحداث الصادمة، مثل تجربة تعرضه للتعذيب، التحدث بلغة أجنبية بدلاً من التحدث بلغته الأصلية.

اللغة الإنجليزية.. كم يبلغ عدد متحدثوها حول العالم؟ وما هي أكثر الدول التي تتحدثها؟

لماذا يبحث مجلس رقابة META تعديل كلمة “شهيد” في اللغة العربية؟

بودكاست عتمة.. اللغة والبنية النفسية