منوعات

مورا ليب.. حكاية فتاة تعيش بنصف دماغ! 

مورا ليب

في معظم الأشخاص، تقع المراكز الخاصة بالنطق والكلام في الجانب الأيسر من المخ، ولكن في حالة “مورا ليب” فالأمر مختلف.

في عمر الـ 9 أشهر، خضعت الفتاة لعملية جراحية لإزالة الجانب الأيسر من دماغها، وعلى الرغم من ذلك، ومع بلوغها سن الخامسة عشرة، فإن ليب تستطيع لعب كرة القدم، وتقليم أظافرها، كما تحظى بحياة مراهقة نموذجية من نواح كثيرة.

مرونة الدماغ

وتسببت العملية في معاناة ليب من إيقاع بطيء في الكلام، ولكنها في نفس الوقت تنطق الكلام بعناية فائقة، خصوصًا وأن جانب الدماغ الأيمن لمورا قد تولى وظائف تتم عادة في الجانب الأيسر.

ويرجع ذلك إلى ما يمكن وصفه بمرونة الدماغ، وهي العملية المسؤولة عن التعلم وتنمية الذاكرة في الطفولة المبكرة. كما أنها تسمح للدماغ بتعديل وظائفه للتكيف مع الظروف الجديدة، وهي الطريقة التي يستخدمها الدماغ أيضًا للتعافي من الإصابات.

ويأمل العلماء من خلال فهم أدمغة الأشخاص كحالة مورا، في إيجاد طرق لمساعدة الآخرين على التعافي من السكتة الدماغية أو إصابات الدماغ الرضحية، وكذلك فهم أفضل للمرونة الزائدة للعقول في فترة الصغر.

إصابة قبل الولادة

تعود قصة ليب عندما كانت جنينًا، فخلال الثلث الثالث من حمل والدتها، أصيبت الطفلة بسكتة دماغية شديدة في الجانب الأيسر من دماغها، ولكن لم يعرف أحد بذلك وقتها.

في سبتمبر عام 2007، ولدت مورا، وفي الأشهر القليلة الأولى بدت وكأنها طفلة طبيعية، فكانت تبتسم وتتحرك كسائر الأطفال، ولكن في نهاية العام، توقفت ليب عن كل هذه الحركات.

في أوائل عام 2008، بدأت مورا تعاني من نوبات صرع، وبمرور الوقت تزايد معدل إصابتها بها إلى أن وصلت للمئات في ساعة واحدة، بحسب والدتها.

بعرضها على الأطباء، طلبوا إجراء تصوير بالرنين المغناطيسي لمخ مورا، تقول الأم: “لم يكن لدى ووالدها خلفية في الطب، لكنك لم تكن بحاجة إليها لرؤية الخلل الذي تعاني منه، كان نصف دماغها مضاءًا والنصف الآخر كان رماديًا”.

وكان التشخيص هو أن معظم الخلايا في نصف دماغها الأيسر ميتة، وتلك التي بقيت كانت تسبب لها نوبات الصرع، وبناء عليه تم إجراء عملية استئصال نصف الدماغ، والذي فقدت بموجبه القدرة على ما كانت تفعله سابقًا.

ما بعد الجراحة

وتعمل دماغ الإنسان بالعكس، بحيث تصل الجانب الأيسر من الدماغ في الأعصاب الحسية التي تتحكم في الجانب الأيمن، والعكس صحيح، لذلك أصيبت مورا في البداية بالشلل في جانبها الأيمن.

كما يتخصص كل جانب من الدماغ في معالجة معلومات معينة، وفقدت مورا بالجراحة نصف دماغها الأيسر المسؤول عن إنتاج وفهم الكلام، ما يعني أن النصف الآخر سيضطر إلى تولي هذه الوظائف.

عرف والد ووالدة الفتاة أن الأطفال الصغار الذين خضعوا لعملية استئصال نصف الدماغ، يمكن أن يحيوا حياة عادية، لذلك كرسوا أنفسهم لإعادة تأهيل ابنتهم بأفضل الطرق.

وحصلت مورا على جلسات لدى طبيب فيزيائي متخصص في علم أمراض النطق واللغة، بالإضافة إلى علاج طبيعي، وعلاج وظيفي، والكثير من التشجيع من والديها، وبالتدريج بدأت في التحسن.

تقول الأم: “في عمر 18 شهرًا استطاعت الجلوس، وفي عمر 23 شهرًا مشيت”، وكانت مورا تبلغ من العمر 6 سنوات ونصف عندما بدأت في استخدام الجمل.

وأجرى الباحث في جامعة بيتسبرغ، مايكل جرانوفيتر، دراسة على 40 شخصًا تتراوح أعمارهم بين 6 و 38 عامًا، فقدوا نصف دماغهم في وقت مبكر من الحياة، ومن ضمنهم مورا، للتأكد من أن هذا الفقد قد ينتج عنه ضعف دائم أم لا.

وبحسب الباحثين، تميل السكتة الدماغية في الجانب الأيمن إلى إعاقة التعرف على الوجه، بينما تميل السكتة الدماغية في الجانب الأيسر إلى التأثير على كلام الشخص ولغته.

وتقول مارلين بيرمان من جامعة كارنيجي ميلون: “دهشنا كثيرًا، وجدنا أن هذا ليس صحيحًا على الإطلاق، يمكن لهؤلاء الأطفال التعرف على الوجوه والكلمات”.

أسباب التطور

ولكن في نفس الوقت، تُشير النتائج إلى أن نصف الدماغ لا يستطيع القيام بعمل عقل كامل بشكل فائق، على سبيل المثال، تعاني مورا بعض القيود، كما تقول الدكتورة ليزا شولمان، طبيبة الأطفال في مجال النمو العصبي في مستشفى الأطفال في مونتيفيوري في نيويورك.

تضيف شولمان: “إنها تتحدث وتعالج الكلمات ببطء شديد، وهو أمر شائع بين الأشخاص من جميع الأعمار الذين يعانون من إصابة في الجانب الأيسر من الدماغ، وما يتبعه من تأثير على الفك والفك واللسان”.

على الرغم من القيود التي ذكرتها شولمان، إلا أن ليب تتطور بشكل مذهل، كما تجاوزت آمال الأطباء والمعالجين الذين عملوا معها على مر السنين.

تقول شولمان: “في كل مرة أراها، كانت تفعل شيئًا لم أتخيله عندما قابلتها لأول مرة”، وحاليًا يسعى العلماء للتوصل إلى تفسير حول هذا التطور، وهل يرجع إلى إجراء الجراحة في سن صغيرة أم سنوات العلاج المكثف، أم غيرها.

“واجهة الدماغ والحاسوب”.. هل تتحكم التكنولوجيا في ترجمة أفكارنا إلى كلام؟

خبراء يحذرون من مخاطر على الدماغ بسبب أدوية لاحتقان الأنف.. اعرف نوعها

كيف تؤثر العزلة الاجتماعية على الدماغ؟