سياسة عالم

أمريكا تتهم الصين بالتجسس على أسرارها الصناعية.. لماذا؟

سقطات لم يكن يتخيل المرء أنها ستكون السبب في هلاكه في أحد الأيام، هذا ما حدث مع المهندس السابق “زينغ شياوكينغ”، وهو متخصص في تقنية منع تسرب الغاز والبخار في المحركات التوربينية، بمجموعة شركات الجنرال إلكتريك باور، وهي متعددة الجنسيات تعمل في قطاعات مختلفة من الفضاء والطاقة حتى صنع الأشياء كمحركات الطائرات وغيرها.

صورة الغروب.. كيف رفع الستار عن زينغ

كشفت وزارة العدل الأمريكية ملفات في غاية السرية كان يخفيها زينغ، عن طريق استخدام تقنية “ستيغانوغرافيا”، وهي تقنية تستخدم لإخفاء المعلومات، لجأ إليها الأخير لسرقة ملفات حساسة من جنرال إلكتريك، عن طريق إرسالها من الشركة لبريده الإلكتروني في كود ثنائي لصورة للغروب.

تتعلق المعلومات التي تمت سرقتها بتصميم وتصنيع المحركات التوربينية التي تعمل بالغاز والبخار وتصل تكلفتها إلى ملايين الدولارات، وقام بإرسالها إلى الصين، حتى تستفيد منها الشركات والجامعات وكذلك الحكومة الصينية.

القبض علي زينغ ومحاولة الصين للنهوض

تمكنت السلطات الأمريكية من القبض علي زينغ، والحكم عليه بالسجن لمدة عامين خلال الشهر الحالي، وليست تلك القضية هي الأولى من نوعها، طالما حاولت الصين بشتى الطرق إلى الحصول على معلومات تقنية تمكنها من تقوية الاقتصاد وتحدي النظام الجيوسياسي العالمي.

يذكر أنه في يوليو الماضي، أوضح كرستوفر راي مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، أن الصين تسعى لسرقة الأصول الفكرية للشركات الغربية، مؤكداً أنها تعمل في محيط واسع من أصغر قطر إلى أكبر المدن، فضلاً عن وجود فريق مخصص ومهيأ بكل قوته للهيمنة على السوق العالمي والإسراع من وتيرة تقدمها.

حينها علت نبرة الصين احتجاجاً على تصريحات مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي من تشويه سمعة الصين، لافتة أنه لن يمر مرور الكرام.

الصين لن تصبح أمريكا

قالت وزارة الدفاع الأمريكية في بيان لها، أن هدف الصين هو الإطاحة بمكانة أمريكا العظمي كقوة عالمية، موضحاً أن الصين تسير على نهج أمريكا بل تجاوزت كل الحدود المسموحة وساعية لسرقة مهارات الابتكار الأمريكية.

ولم تكتفي الصين بسرقة المحركات التوربينية فقط بل تستهدف أيضاَ نحو 10 قطاعات أخرى، سواء كانت قطاعات تقنية النانو وصنع الدواء والفضاء.

وتحدث راي وانغ، مؤسس مجموعة كونيستيلاشن ريسرتش للاستشارات والأبحاث، أن تقنية النانو تستخدم في مجالات الطب ولا تقتصر عليها فقط بل امتدت لتشمل السيارات والغزل والنسيج، فهي عبارة عن جزء من المليار من متر، وتشمل أيضاَ الهندسة الحيوية المستخدمة في مجالات صناعة الأطراف الصناعية وهندسة الأنسجة.

ولفت أيضاَ أن هناك مديراً سابقاً للبحث بإحدى الشركات كان مقرباَ له بل وتربي أبنائهم مع بعضهم، ليفاجئ بعدها أنه كان يعمل لحساب الحزب الشيوعي الصيني، مختتماَ حديثه أن الجواسيس متواجدون في كل مكان.

خطط الصين لسرقة حقوق الملكية الفكرية

مسبقًا كان التجسس الصناعي منتشرًا في اليابان وسنغافورا وكوريا الجنوبية وغيرها من البلدان، وكانوا يعتبرون مصدراً للقلق، ولكن بعد أن تتحول الشركات المحلية إلى شركات رائدة في السوق تسعى لحماية حقوق الملكية الفكرية، والبدء في تمرير تشريعات لتؤخذ على محمل الجد، وهذا ما تم مع الصين خلال القرن الماضي ساعية لحماية حقوق ملكيتها الفكرية، من خلال إرساء توازن سليم بين مصالح المبتكرين ومصالح الجمهور العام، وإتاحة بيئة تساعد على ازدهار الإبداع والابتكار.

وأصبحت الصين من الدول العظمى والتي فرضت اسمها في السوق العالمي واكتسبت الكثير من الخبرة، فحتى تتمكن من الشركات الأجنبية من دخول السوق الصينية عليها تسليم تقنياتها وفقاَ لاتفاقيات مشروعات مشتركة.

يذكر أنه خلال عام 2015، عقدت الولايات المتحدة اتفاقية مع الصين لكنها كانت “فخاَ”، حيث تعهدا كلا الطرفين بعدم تنفيذ أي محاولات سيبرانية للملكية الفكرية، لكن لم تلتزم الصين بذلك التعهد، وقامت خلال العام التالي بعدد من عمليات القرصنة.

ولم تجدي الشكاوى نفعاَ تجاه الصين، فدائماَ تنفي الاتهامات الموجهة لها بإرغام الشركات على تسليم تقنياتها رغماَ عنها.

ظاهرة التجسس السيبراني الصيني

أكد وانغ أن الولايات المتحدة الأمريكية ممتلئة بالجواسيس لصالح الصين في مختلف القطاعات، وتعد تلك الظاهرة الأكثر انتشاراَ هناك.

على الرغم من انخفاض التجسس السيبراني الصيني على الولايات المتحدة لفترة وجيزة إلا أنه عاد بعدها إلى مستوياته السابقة وكأن شيئاَ لم يكن، هكذا وصف ليم تاي من جامعة سنغافورة الوطنية، الحال هناك، بينما يرى البعض أن الاتفاقية فشلت بسبب انهيار العلاقات بين البلدين.

لكن لم تمرر الولايات المتحدة فعلة الصين بتلك البساطة بل انتقمت أشد انتقام بضرب الصين ضربة قاصمة في مجال صناعة الموصلات الحيوية من الهواتف الذكية إلى الأسلحة، بحجة أنها تهدد أمنها القومي.

واشنطن تحجم الصين بفرض عدة قيود

أعلنت واشنطن العديد من القيود على صادراتها عن طريق الحصول على تراخيص من السلطات على الشركات التي تصدر الرقائق الإلكترونية للصين، وكذلك منع المواطنين الأمريكيين أو الحاصلين على الإقامة الدائمة  من العمل لدى بعض الشركات الصنينة التي تعمل في مجال الرقائق الإلكترونية، بهدف عرقلة تقدم الصين من الناحية التقنية، ويتوقع البعض أن السباق بين أكبر قوتين في العالم سوف يزداد حدة .

بينما يرى البعض أن الصين لن تستطيع تخطي الولايات المتحدة وستظل في المرتبة التالية رغم محاولاتها الدائمة والمستمرة لتكون في المقدمة واستخدامها لأساليب التجسس السيبراني.

لماذا تعترض تركيا على انضمام السويد وفنلندا إلى “الناتو”؟

لماذا لم تتساقط الثلوج على نيويورك حتى الآن؟

كابوس التضخم العالمي متى سينتهي؟

المصادر :

BBC /