أحداث جارية اقتصاد صحة

كبار السن تحت مظلة العالم الرقمي

بدت التقنية ضرورة ملحة، تمس جميع أطياف المجتمع بكافة طبقاته ومعاييره، فمنذ عام 1969 يجري الاحتفال باليوم العالمي للاتصالات؛ في 17 مايو من كل عام، إذ يوافق ذلك اليوم تاريخ تأسيس الاتحاد الدولي للاتصالات.

وفي مارس 2006 قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة تخصيص نفس اليوم للاحتفال باليوم العالمي لمجتمع المعلومات. إلى أن تم إقرار الاحتفال بالمناسبتين معًا في يوم واحد.

اليوم العالمي للاتصالات ومجتمع المعلومات

   أهداف اليوم:

رفع الوعي بإمكانيات وعوائد استخدام الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات على المجتمعات والاقتصادات.

   الفعاليات:

تنظيم البرامج والمؤتمرات وحلقات النقاش؛ لبحث وتبادل الأفكار حول الموضوعات المرتبطة بالمناسبة.

   تحديد المواضيع:

في كل عام يتم تحديد موضوع نقاش لتبادل الأفكار في إطاره، وموضوع هذا العام، هو “كبار السن وتوظيف التقنية الحديثة لإبقائهم أصحاء، وضمان الاستقلال المالي والنفسي لهم، وإعداد بيئة مراعية وصديقة للمسنين.”

الاقتصاد الفضي

وفقًا لإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة، من المتوقع أن يرتفع عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا أو أكثر من 703 مليون شخص في عام 2019 إلى 1.5 مليار بحلول عام 2050, العام نفسه الذي سيصبح فيه واحد من كل 6 أشخاص في العالم فوق سن 65 عامًا، بعد أن كان واحدًا من كل 11 شخصًا في عام 2019.

لذلك تغيرت أشكال الاستهلاك وأصبح كبار السن المحرك لما يُسمّى بالاقتصاد الفضي وهو مصطلح يشمل جميع الأنشطة الاقتصادية والمنتجات والخدمات المخصصة لتلبية احتياجاتهم.

هذا المفهوم مشتق مما يسمى بالسوق الفضي الذي ظهر في اليابان، الدولة التي فيها أعلى نسبة من الأشخاص الذين تجاوزوا سن الـ65، وذلك خلال السبعينيات في إشارة إلى السوق الذي يقوم على خدمة المسنين.

تعريف آخر يشير إلى أن الاقتصاد الفضي يعني الأنشطة الاقتصادية التي تستهدف على وجه التحديد السكان الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا أو أكثر، والذين يتوقفون (جزئيًا أو كليًا) عن العمل، ويتحولون من أسلوب حياة نشط إلى نمط حياة مختلف وتتخلله أنشطة مختلفة.

حجم السوق الفضي

قُدرت القيمة السوقية للاقتصاد الفضي في 2021 بـ 17 ترليون دولار.

ورغم قلة الأبحاث التي أُجريت عن حجم النشاط الاقتصادي الذي يحركه إنفاق المسنين، إلا أنه بات واضحًا أن استغلال الشركات لاحتياجات هذه الشريحة من المستهلكين في هذه المرحلة العمرية، سيتيح لها فرصًا هائلة لتحقيق مكاسب مادية.

إذ أشار تقرير أجرته مؤسسة “كي بي إم جي” للتدقيق المحاسبي، في عام 2017 عن المستهلكين عبر الإنترنت إلى أن أبناء جيل ما بعد الحرب العالمية الثانية (baby boomers) من مواليد عام 1946 إلى 1964، هم الأكثر إنفاقًا عبر الإنترنت، إذ ينفقون في المتوسط 203 دولارات لكل معاملة عبر الإنترنت. ويسيطرون حاليًا على ثلاثة أرباع صافي الثروة في العالم، وذلك بفضل حقيقة أنهم تمتعوا بحقبة من النمو الاقتصادي السريع والاستقرار النسبي للأجور.

وبحسب تقرير لصحيفة insider فإن الأشخاص الذين تصل أعمارهم لـ 65 عاما فأكثر هم الفئة الديموغرافية الأكثر نموا بين المتسوقين عبر الإنترنت، هذا بالإضافة إلى كونهم يميلون للولاء لعلاماتهم التجارية، ولفتت آخر الإحصاءات إلى أن 30% من المتسوقين عبر الإنترنت تتجاوز أعمارهم 55 عاما، كما شهد عام 2020 ارتفاعا في نسبة المتسوقين عبر الإنترنت ممن تتجاوز أعمارهم 65 عاما بـ 53%، ويأتي حجم إنفاقهم أكثر بنحو مرتين من نظرائهم الأصغر سنًا.

ووفقًا لموقع الإحصاءات العالمي Statista فإن 22% من أفراد الجيل، يميلون للتسوق كليًا عبر الإنترنت بدلًا من طرق التسوق الأخرى، و18% منهم يتسوقون بشكل جزئي عبر الإنترنت، وهي نسبة مقاربة لنظرائهم من الجيل الأصغر، الجيل x اللذين وُلدوا خلال الفترة من 1965 حتى 1980، حيث تُفضل نسبة 27% من أفراد الجيل x التسوق عبر الإنترنت دون غيره.

على الصعيد المحلي، وبحسب تقرير we are social لعام 2022، فإن نسبة المسنين (+65 عاما) تمثل 3.8% من إجمالي السكان السعوديين, وهي نسبة ليست بالكبيرة مقارنة بالنسب العالمية، لكن طبقًا لمسح نفاذ واستخدام تقنية المعلومات والاتصالات للأسر والأفراد لعام 2021 الذي أجرته الهيئة العامة للإحصاء السعودية، فإن 99.4% من هذه الفئة العمرية تستخدم الهواتف المحمولة للنفاذ إلى الإنترنت.

التحديات

يمثل التضخم الديموغرافي أحد أهم التحديات لاستهداف شريحة كبار السن، فكما ذكرنا سابقًا عن التوقعات بتضاعف حجم سكان العالم ممن تبلغ أعمارهم 65 عامًا أو أكثر، كما يتمثل التحدي الديموغرافي الآخر في أن العديد منهم يعيشون في مناطق نائية ويتعذر الوصول إليها.

يعد التمييز على أساس العمر في أماكن العمل وعدم كفاية الشمول المالي لكبار السن من التحديات الرئيسية التي يجب معالجتها حتى تتحقق الاستفادة الكاملة من التحول الرقمي.

رغم اتساع نطاق الرعاية الصحية عالية الجودة خارج المراكز الحضرية، وتصدر الطب عن بعد والرعاية الصحية الافتراضية المقدمة خلال جائحة COVID 19، مما عوض الوصول المادي المحدود بين المرضى ومقدمي الرعاية الصحية، إلا أن ذلك اجتذب إلى حد كبير أشخاصًا متعلمين جيدًا وصغارًا نسبيًا، والذين يحتاجون في المتوسط ​​إلى رعاية صحية أقل في الوقت الحالي، بينما يعد استقطاب واجتذاب المسنين تحديًا حتى الآن.

الفرص

لتلك الأسباب تتكثف الجهود لتوسيع نطاق التقنيات الرقمية اللازمة لخدمة ومساعدة الأشخاص المسنين على تحسين جودة حياتهم والعيش بصحة أفضل وتسهيل الوصول إلى رعاية صحية متطورة، وتلبية احتياجات ومتطلبات السكان المسنين، وتقليل ضعفهم المرتبط بالعمر وتعزيز تنميتهم الاجتماعية والاقتصادية. إذ تدعم التقنيات الرقمية:

الوقاية من الأمراض المرتبطة بالعمر عبر الأجهزة والتطبيقات، مثل: أجهزة الاستشعار، ساعات اليد الذكية، والهواتف المحمولة.

عام 2020 بلغ حجم التمويل العالمي لقطاع الصحة الرقمية 13.9 مليار دولار، ويُعرف مفهوم الصحة الرقمية بأنه التقاء التقنيات الرقمية مع خدمات الرعاية الصحية لتعزيز كفاءة تقديم الرعاية الصحية وجعل الأدوية أكثر تخصيصًا ودقة.

تزويد المرضى ومقدمي الرعاية الصحية بمعلومات صحية موثوقة، وإثراء البيانات الصحية، مما يتيح التحليل الدقيق والتشخيص والتنبؤ بالمشكلات الصحية وتحسين العلاجات، باستخدام أنظمة المحاكاة من خلال الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي وغيرهما.

في عام 2017، بلغت قيمة السوق العالمية لتكنولوجيا رعاية كبار السن 5.6 مليار دولار. وتقدر أبحاث BCC أنها ستصل إلى قيمة 13.6 مليار دولار في عامنا الحالي، مما يشير إلى معدل نمو سنوي مركب قدره 19.2%.

ضمان أن الإعاقات المرتبطة بالعمر، مثل: تراجع القدرة السمعية والبصرية والحركية، وكذلك القدرات الإدراكية، لا تؤثر على الوصول إلى المنتجات والخدمات الرقمية ولا على فهم المعلومات والاتصالات، والتعويض عن تلك الإعاقات.

الحد من الشعور بالعزلة الاجتماعية لدى كبار السن؛ وتراجع التماس الاجتماعي الذي يؤدي أحيانا إلى العزلة والاكتئاب بين الأفراد، فخلال جائحة كوفيد-19 على وجه الخصوص، كانت التقنيات الرقمية مفتاحًا لمكافحة الشعور بالوحدة والعزلة بين كبار السن المنقطعين عن العائلة والأصدقاء.

في مدينة فوجيدا في اليابان، تمكن كبار السن المعزولين خلال تفشي فيروس COVID 19 أن يستأجروا من بلديتهم روبوت اجتماعي، يستخدم خاصية الذكاء الاصطناعي في التعرف على الكلام، وقد ساعد ذلك المسنين على إجراء محادثات وكذلك مراقبة الروبوتات لحالتهم الصحية من خلال تحديد التغيرات في أنماط الأنشطة التي يقومون بها.

كبار السن والتقنية في المملكة في أرقام

المصادر