تقنية صحة

بتكلفة زهيدة.. انقذ مستقبلك الصحي بـ “الرنا” 

عبقرية لقاحات الرنا المرسال

تُنقِذ اللقاحات ملايين الأرواح سنوياً، ولعل أهم ما يشغل عقول العلماء والباحثون مؤخراً وخاصة عقب جائحة كوفيد-19، هو إمكانية تطوير لقاحات آمنة وفعّالة، لإنهاء معاناة الكثيرين حول العالم من الأمراض والأوبئة.

عبقرية لقاحات الرنا المرسال

تقنية المحاكاة المخادعة

تعمل اللقاحات عبر محاكاة مخادعة للعدوى وأعراض الفيروسات، أو البكتيريا، من خلال إدخال كائنات دقيقة أخرى يمكنها التسبب بتلك الأمراض، وتؤدي هذه المحاكاة إلى “تعليم” نظام المناعة الاستجابة السريعة والفعالة ضد العناصر المُعدية.
وحتى وقت قريب، لم يكن العالم يعرف الكثير عن لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال أو “الرنا المرسال”، إذ يعتقد العلماء حالياً أنها قد تكون الحل لعدد هائل من المشكلات الصحية، لذلك بدأت الشركات العالمية في التركيز على دراسة وتطوير لقاحات الرنا المرسال.

 

طفرة هائلة

نظرًا لتفشي فيروس كورونا، بدأت الشركات العالمية في التركيز على دراسة وتطوير لقاحات الرنا المرسال، من أمثال فايزر-بيونتيك، وموديرنا، والآن أصبح مجال الرنا المرسال بأكمله يشهد طفرة هائلة، ويعتقد أن يغير قواعد اللعبة تمامًا في المجال الطبي، فبمجرد أن يدخل الفيروس في الخلايا، فإنه يطلق الرنا المرسال الخاص به، ويخدع الخلايا المختطفة ليطلق نسخًا من الفيروس، في شكل البروتينات الفيروسية، التي تهدد جهاز المناعة.
وتعمل اللقاحات التقليدية عن طريق حقن بروتينات فيروسية معطلة تسمى المستضدات، وهي تحفز جهاز المناعة في الجسم للتعرف على الفيروس عند ظهوره مرة أخرى.

 

عبقرية لقاحات الرنا

تتمثل عبقرية لقاحات الرنا المرسال في عدم وجود حاجة لحقن المستضد ذاته، فبدلاً من ذلك، تستخدم تلك اللقاحات التسلسل الجيني أو “رمز” المستضد المترجم إلى الرنا المرسال، ويمكن القول ببساطة بأنها عبارة عن نسخة غير فعالة من الشيء الحقيقي، تخدع الجسم ليخلق أجسامًا مضادة حقيقية، ثم يختفي الرنا المرسال الاصطناعي من تلقاء نفسه، ويتحلل بفعل دفاعات الجسم الطبيعية بما في ذلك الإنزيمات التي تفككه، وبالتالي لا يبقى سوى الأجسام المضادة فقط.

 

تكاليف زهيدة

من الآمن إنتاج لقاحات الرنا المرسال بسرعة أكبر وبتكلفة زهيدة مقارنة باللقاحات التقليدية، وبالتالي، لن تكون هناك حاجة إلى مختبرات ضخمة آمنة بيولوجيًا تنمو فيها فيروسات قاتلة داخل بيض الدجاج قبل حقنها للإنسان.

وبدلاً من ذلك، يمكن لمختبر واحد فقط أن يعرف تسلسل بروتينات المستضد ويرسلها بالبريد الإلكتروني حول العالم، فعبر استخدام هذه المعلومات، يمكن للمختبر أن يصنع “مليون جرعة من الرنا المرسال في أنبوب اختبار واحد بسعة 100 مل”، كما تؤكد الأبحاث.

 

تسلسل الجينوم

في 16 مارس، و باستخدام تسلسل الجينوم، بدأت التجارب السريرية الهادفة إلى إنتاج أول لقاح للرنا المرسال، ووافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على لقاح فايزر-بيونتيك كلقاح لمكافحة فيروس كورونا في 11 ديسمبر الأول 2020، ليصبح أول لقاح رنا مرسال معتمد لمعالجة البشر، وأول لقاح تصل نسبة فعاليته في الوقاية من فيروس كورونا إلى 95 % في التجارب السريرية.

وتبع ذلك بوقت قصير، وبالتحديد في 18 ديسمبر، الموافقة على استخدام لقاح موديرنا، وهو أيضًا أحد لقاحات الرنا المرسال، بينما كان “أسرع لقاح على الإطلاق” من حيث اعتماده كعلاج هو لقاح النكاف، الذي اعتمد بعد 4 سنوات من التجارب، لكن لقاحي موديرنا وفايزر-بيونتيك لم يستغرق اعتمادهما سوى 11 شهرًا فقط!

 

تفشي وباء كورونا

كان أول من توصل للنظرية التي أدت إلى إنتاج لقاحات الرنا المرسال العالمان كاتالين كاريكو، ودريو وايزمان من جامعة بنسلفانيا، واللذين حصلا مؤخرًا على جائزة لاسكر لعام 2021، وهي أعلى جائزة في الولايات المتحدة في مجال البحوث الطبية الحيوية.

وحتى في عام 2019، كان يُعتقد أن لقاحات الرنا لن تصبح متاحة للاستخدام قبل 5 سنوات على الأقل، إلا أن تفشي وباء كورونا دفع هذا المجال الطبي إلى الأمام، و سرّع من وتيرة العمل به بنحو نصف عقد من الزمان، وجدير بالذكر أن  الدراسات أشارت إلى أن المستقبل قد يشهد ظهور أنماط مختلفة من تقنية لقاح الرنا المرسال لتقليل انتشار الأوبئة والفيروسات المختلفة.

 

اقرأ أيضًا

إنفوجرافيك | ماذا يخبئ لنا الجيل الثاني من لقاحات كورونا؟

إنفوجرافيك | المحيطات.. ضحية جديدة لجائحة كورونا

لماذا تُصِر Pfizer على الاحتفاظ بسرية تركيبة لقاح كورونا؟